كان يجمعنا مشترك في هذه الوحدة العسكرية ابان
الحرب العراقية الايرانية في بداية الثمانينات بالرغم من رعب الحرب والموت والخوف
والوحدة والتسلط ، .وهذا المشترك هوحب
الثقافة والجمال ، كنا مجموعة من الجنود والمراتب والضباط الاحتياط ، لايوجد تمايز
بيننا الا بقدر مانمتلك من ثقافة يستطيع احدنا ان يعطيها للاخر، وخوفنا الوحيد كان
السلطة والقهر الفكري الذي كانت تمارسه ، ونحن نتحمل عبيء التسلط مرتين ، مرة مع
عموم الشعب ومرة اخرى مع العسكر ، وعندما كنا نذهب في الاجازة الشهرية نخرج من سجن
تسلط العسكر فقط ونبقى في سجن عموم الشعب وفيه مجال ولو محدود للحركة ، وكنا ((
انا وصالح وحميد واثنان اخران نسيت
اسمائهم وكم احاول ان اجهد ذاكرتي لأتذكراسمائهم ولا افلح )) ،وهذا اليوم وانا اقلب ديوانا لبلند الحيدري
اذ عثرت على ورقة مطوية حال لونها ومستها رطوبة شوهت بعض كلماتها ، كانت قصيدة
لزميلنا صالح مذيلة بتاريخ 13\12\1983 وكانت بعنوان ( تداعيات حارس في منتصف الليل
) اعرضها عليكم ادناه برغم اختفاء بعض الكلمات فيها كما قلت لكم بسبب رطوبة مستها
. ( ملاحظة : لا اعلم عن المجموعة شيء بسبب تعرضي لفترة بعد افتراقي عنهم لقضية
سياسية وابتعادهم عني وابتعادي عنهم لكي لايشملوا بتبعاتها ) :
القصيدة ( تداعيات حارس في منتصف الليل )
في اخر ربع الساعة
من منتصف الليل ...
كان الحارسيلقي...
بالخطوات وئيدا
يتفرس شبحا وسط العتمة !
الاشباح كثيرة....
___
كان يقلب ( .......) وجهته
يمسك... محتارا ...بسلاحه
يدق على جبهته
بالفرضة والزناد
ويحدق في العتمة
يصعقه هم القلب :
الاهل المنكوبين...
الزوجة والاطفال...
والاخ الراحل ! ....
-----
من اخر ربع الساعة
من منتصف الليل
كان الليل يحط على عينيه
ثقيلا ....متسخا
كجناح الخفاش ...
بضع مصابيح
تطش عليه
بضحكتها الصفراء
( .....) بالخطوات وئيدا
_منتظرا ماذا ؟
_ اشباحا !!!؟
تسلبه كل رداء فيه
----
في اخر ربع الساعة
من منصف الليل
يقوم الحارس بالترتيل
يشعر بخواء الروح ....
وعمق الهوّه ...
يضربه زبد الامطار
بقوة....
فالفصل شتاء
وفصول الحراس جميعا
حافلة بالرعد وبالانواء
-----
يستسلم للريح
تخالجه الذكرى
يحصي كم عاش
وكم مات؟
يخرج مديونا!
نجمته افلت
والعمر تشرذم
كقميص متهريء ...بالي
لم يحصد قرصا
من خبز السنوات
----
من اخر ربع الساعة
من منتصف الليل
يبتل الحارس
بالافكار وبالامطار
يتلوى ...
ويحدق في العتمه
يحرس اشباحا نائمة
ويزلزل....
مسلوب الذات !!!
( السبت 13\12\1983 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق