الجمعة، 9 ديسمبر 2016

موضوع الزهد آيات كثيرة جدا نزلت في الزهد من حيث المضمون وبالنسبة في اللفظ فليس في القرآن الكريم إلا آية واحدة، هي قوله تعالى في معرض الحديث عن سيدنا يوسف:
﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ﴾
[سورة يوسف ]
من حيث اللفظ هذه الآية الوحيدة، من حيث المضمون آياتٌ كثيرةٌ جداً فحواها يشير إلى الزهد.
حقيقة الزهد :
أيها الأخوة، العلماء قالوا: "الزهدُ أن تنصرف عن الشيء احتقاراً له، وتصغيراً لشأنه، وتستغني به بشيءٍ خيرٍ منه".
ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناةً نظيفةً تسري خلالها
هناك نقطة مهمة جداً في موضوع الزهد، ليس الزهد أن ترفض نعم الله عز وجل، هذا ليس زهداً، الزهد أن تستخدم نعم الله عز و جل فيما سمح لك به، أو أن تستعين بهذه النعم على طلب الآخرة، أو أن تسخر هذه النعم لأعمالٍ صالحةٍ ترقى بك عند الله، هذا هو الزهد، لا أن ترفض الدنيا بل أن تستخدمها ابتغاء رضوان الله، أن تستخدم النعم التي أنعم الله بها عليك فيما أمر الله، وأن توظفها في العمل الصالح، هذه هي حقيقة الزهد على خلاف ما يتوهم بعض الناس، الآية الدقيقة:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ ﴾
[ سورة القصص الآية : 50 ]
أي ليس على وجه الأرض من هو أضل:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
[ سورة القصص ]
أما الذي يتبع هواه وفق هدى الله عز وجل فلا شيء عليه بنص هذه الآية، أي اشتهى المال فكسبه من طريقٍ مشروع، اشتهى المرأة فتزوج، من اتبع هواه وفق منهج الله فلا شيء عليه، إذاً ليس في الإسلام حرمان، في الإسلام تنظيم، ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناةً نظيفةً تسري خلالها.
الزهد الحقيقي أن تكسب المال وتجعله بيديك لا بقلبك وتوظفه في الحق .
رأي الإمــام مــالك في التصوف
فتأمل يرحمك الله قوله لولا ( أبو هشام الصوفي ) ما عرفت الرياء وهذا صريح في أخذه عن المتصوفة واحترامه لجنابهم ثم تأمل قول ( الإمام مالك ) في غير ما كتاب : " من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق " , ومن جمع بينهما فقد تحقق ، نقله عنه ( التتائي في شرحه علي مقدمه ابن رشد ) , وكذلك ( الشيخ زروق ) ففي القاعدة الرابعة من قواعده قال : ونحن حيث تلقينا هاته القولة عن الإمام مالك من أوثق المصادر , اتضح عندنا يقيناً انه رحمه الله كان صوفياً ، لا محباً للصوفية فقد وإلا لزمه تسلط الحكم عليه , المستفاد من صريح قوله ( ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ) برأه الله من ذلك . وهذه الصراحة من الإمام كافيه في إعظامه لمذهب التصوف بدون الفقه باطل , وخلاصه القول : أن الإمام مالكاً رضي الله عنه كان جامعاً بين التصوف والفقه . وهذا لا يستبعد من مقام الإمام ما دام التصوف عبارة عن صدق التوجه إلى الله عز وجل . نعم قد يقول القائل فلماذا لم يظهر عن الإمام نظير ما ظهر علي غيره من المنتمين للتصوف ( كالحارث المحاسبي ) في ذلك العصر وطبقته ؟ والجواب أن عذر الإمام ( أي الإمام مالك رضي الله عنه) في ذلك : هو تفرغه وقيامه بما دعت إليه الضرورة من لزوم حفظ القواعد الفقهية وضبط النقول الشرعية خصوصا وهو يري من نفسه الكفاءة لأمر الذي لم يتوافر لغيره غالباُ , وكل ذلك لا يمنع أن يختص الإمام في خاصته وحد ذاته بما اختص به غيره من خاصة المتصوفة بان تكون له المشاركة في علمهم ودقائق أسرارهم التي أمروا بعدم إفشائها لغير أهلها , وقد أثبت ذلك لنفسه حسبما نقله عنه ( أبو إسحاق الشاطبى ) في الجزء الرابع صحيفة 361 من كتاب ( الموافقات ) قال : " واخبر المالك عنه نفسه انه عنده أحاديث وعلوم ما تكلم فيها ولا حدث بها " وقد ذكر الشيخ سحنون في تعليقه على الموطأ نقلاً عن القاضي عياض .
قال :" وبلغ شيوخ الإمام مالك تسعمائة شيخ : ثلاثمائة من التابعين , وستمائة من تابعهم ممن اختارهم لدينه وفقه وتيقظه , ولزم ( ابن هرمز ) كما في المدرج ثلاثة عشر سنة , ويروي ست عشرة سنة من الصباح إلي الزوال في علم قال مالك لم أبثه لأحد من الناس " . انتهي بلفظة .
وعليه فهل تري أيها الأخ إن هذا العلم المخبر عنه هو من مدخول الفقه , فما أظن إذ لو كان كذلك لما ساخ له كتمانه حيث إن الفقه في الدين يشترك في لزوم معرفته جميع المكلفين ويجل عن كتمانه العلماء الأعلام لما في طيه وكتمانه من التعرض لنقمة الله لحديث ( من كتم علماً علمه الله إياه ألجمه الله بلجام من النار يوم القيامة ) ، ولكنك تستبعد أن يكون للإمام مالك من العلوم الموروثة عن النبي r وآله ، غير ما دونه للعموم ، وهذا الأستبعاد إنما يتصور مع عدم الإطلاع على ما أشتملت عليه دفاتر السنة من النصوص المثبتة لنظير ذلك وإليكم ما أخرجه البخاري رضي الله عنه :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( حفظت عن رسول الله r وآله وعاءين من العلم أما أحدهما فقد بثثته فيكم وأما الآخر فلو بثثته فيكم لقطعتم مني هذا البلعوم ) . ولا شك أن هذا صريح في تأييد ما أخرجه الشاطبي وغيره عن الإمام مالك ، وليس هذا الخبر مما ينفرد به أبو هريرة رضي الله عنه ، ولا مما ينفرد بنقله البخاري أيضاً فإن المطلع لا تستعصي عليه النقول الصحيحة التي يستشهد بها في هذا الباب من أقوال السلف ، وهذا ملخص للإمام من جهة علاقته بالتصوف .
كما يشهد لذلك ما أخرجه الشعراني في ( اليواقيت والجواهر ) ، وغيره من الحفاظ عن ( ابن عباس رضي الله عنهما ) : لو قلت لكم ما أعلم من تفصيل قوله تعالى :
“اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُن”َّ لرجمتموني ، أو لقلتم إني كافر[32]
ويترجم عن ذلك أيضاً ما يروى عن ( الإمام علي زين العابدين بن الحسين ) رضي الله عنهما حيث يقول :
يارب جوهر علم لو أبوح به لقيـل لي أنت ممن يعبد الوثنـا
ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون أقبـح ما يأتونـه حسنـا
إني لأكتم من علمي جواهره كي لا يرى ذاك ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
وقد ذكره الإمام الغزالي في ( منهاج العابدين ) قلت : " وكل ما ورد في هذا الباب هو مصداق ما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن رسول الله r وآله أنه قال " إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلى العلماء بالله فإذا نطقوا به أنكره أهل الغرة بالله "

رأي الإمام حسن البصري
من ذلك ما جاء عن الحسن البصري رضي الله عنه الذي اتفق أكثر المحققين من مؤرخي الإسلام علي أنه أول من فتح الكلام في مذهب التصوف ، وأول متصدر لنشر تعليمه بالخصوص ، وهذا مما علم بالتواتر بين علماء السنة . قال العالمة ابن الحاج في جزئه الثاني من مدخله ما نصه :
إن الحسن البصري [31] رضي الله عنه هو أول من فتح الكلام في طرق القوم ، وهو رضيع إحدى زوجات النبي r وآله . وهي أم سلمة رضي الله عنها , وقد قيل : إن المذهب كانت تعرف رجله باسم المتصوفة من عهده ، وكان الحسن يجل ويحترم المنتمين لذلك الجناب ، ويشهد لهذا ما أخرجه أبو نصر عبد الله ابن علي الطوسي المتوفى سنة 378 هـ في كتاب ( اللمع ) قال حاكياً عن الحسن البصري رضي الله عنه إني رأيت صوفياً في الطواف فأعطيته شيئاً فلم يأخذه ، وقال معي أربعة داونق فيكفيني ما معي ، وكان الحسن يذكر ذلك علي سبيل الإعجاب بحال ذلك الصوفي . وأظنك أيها الأخ لا تجهل مكانة الحسن البصري في الإسلام ومنزلته بين التابعين ، وهذا النقل كما أنه جاء عن الطوسي جاء عن التجيبي أيضا نقله عن ( سيدي ابن عجيبة ) في شرحه ( المباحث الأصلية ) ، مما يشهد أيضا لعظمة المتصوفة والتصوف في نظر السلف ما يروي عن ( سيفان الثوري ) وهو من عظماء أئمة القرن الثاني ومجتهديهم قولة لولا ( أبو هشام ) الصوفي ما عرفنا دقيق الرياء . ومن ذلك ما ذكره عنه ( أبن القيم الجوزيه ) في شرحه علي منازل السائرين أنه كان يقول : أعز الخلق خمسة انفس " عالم زاهد وفقيه صوفي وغني متواضع وفقير شاكر وشريف سني " .

الخميس، 8 ديسمبر 2016

( هذا الدرع ماينجرع )

بعد بمرور مايقارب ثلاثة اشهر من الرد العراقي على العدو في العام 1980/9/22م شن العدو اول هجوم مقابل بالدروع والمشاة في تاريخ 1981/1/5م هجوما واسعاً في منطقة الخفاجية (سوسنكرد ) حسب التسمية الفارسية حيث قام العدو بتسمية كل مناطق الاحواز العربيه المحتلة باسماء اخرى فارسية لغرض تفريس المنطقة ومحو تاريخها العربي ووصل الى قرب مقر الفرقه المدرعه التاسعة (قياده قوات اسامه بن زيد ) فصدرت الاوأمر الى اللواء المدرع العاشر بالتحرك نحو القاطع وشن هجوم مقابل باسرع وقت وقد تحرك اللواء من قاطع (جم صريم) ووصل فجر يوم 6 كانون الثاني (يوم ذكرى تأسيس الجيش العراقي ) وشن هجوماً مقابلاً بدباباته ال (T72) التي دخلت لاول مره في الحرب العراقية-الايرانية مع احدى كتائب اللواء المدرع 12 العائد للفرقة المدرعة الثالثة (قياده قوات صلاح الدين) لكون احدى كتائب اللواء العاشر (كتيبه دبابات 14 رمضان ) كانت قد بقت في معسكر اللواء الدائم في ابو غريب لحماية بغداد (حيث كان هذا واجب اللواء الرئيسي ) الا ان ظروف الحرب والحاجة للواء جعلت القياده تزج به في المعركه وتمكن هذا اللواء بايقاع اكبر الخسائر بالعدو وبالاخص في دروعه فقد ترك في ارض المعركه و ولى هارباً (120) دبابة نوع جفتن بريطانيه وام 60 وام 48 امريكية وسكوربيون البريطانية و (65 ) ناقله اشخاص مدرعة جميعها صالحه للاستعمال واخرج الفرقه المدرعة 16 الايرانية من المعركه لفتره طويله حتى ان الرئيس الايراني حينها ابو الحسن بني صدر صرح بان قواته تواجه قوات روسية ضخمة وان قواتهم قاتلت قوات روسية وليست عراقية وذلك لشعورهم بالصدمة لقوه الهجوم العراقي ونوع الدبابات التي استخدمت فيه لاول مره في المعركة وخاصة انها تمتاز بخاصية التلقيم الذاتي للمدفع مما يجعل الدبابات قادره على رمي 3 قذائف بالدقيقة.
تحية لابطال قادسية صدام المجيدة.
درة عارف