الأربعاء، 25 ديسمبر 2013


 2013 الأربعاء 25 ديسمبر 

قراءة التراث بعيون طائفية.. لا إسلام بلا مذاهب

عبدالكريم الحاج

كرر الأستاذ رشيد الخيون في برنامج علامات استفهام عن كتابه الأخير "لا إسلام بلا مذاهب.، وطروس أخرى" كرر اكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة دون سؤال من مقدم البرنامج الدكتور محمد قواص أنه حريص اشد الحرص على ان لا ينظر الى التراث بعين طائفية، وشدد على موضوعيته، لكن الأستاذ الخيون وقع في البرنامج في طائفية ودوغمائية مركبة فهو وللغرابة شيعي علماني.
 
الكتاب لم اقرأه بعد ولكن دار موضوع الحلقة عن الفصول التي استثارة انتباه الدكتور قواص، الأستاذ رشيد الخيون دار حول عدة مواضيع، اهمها الخلط بين المذهب والطائفة فهو يستخدم كلمة مذاهب بمعنى طوائف، لكنه اخطأ في زلة لسان فشرح ان للشيعة أصولا خمسة غير الثلاثة التي يجمع عليها المسلمون، على حد قوله! فكيف إذا يعد الشيعة مذهبا والسنة مذهبا؟ اليسو طائفتين مختلفتين؟ للأسف هذا المنطق في الحوار هو نفس منطق التقية الذي يتبناه غلاة من الشيعة في "التقريب بين المذاهب" وأي كتاب شيعي دعوي يحمل نفس الفكرة، وما كان يليق بأستاذ فاضل مثل رشيد الخيون ان يسير في نفس المنهج، لكن الغرض واضح: "الشيعة مسلمون مثلهم مثل السنة لا فرق، يختلفون في أمور فرعية وأقوال فقهية".
 
ثم عرج الخيون على حديث الفرق وبين تهافته وخطورته، وطبعا لنفس الغرض، والغرض هو إثبات ان الأمة هي مجموع الفرق الإسلامية بغض النظر عن تفاصيلها العقائدية والفقهية، وطبعا من هذه الفرق من انكر كل معلوم بالضرورة بل واعتبر نفسه خارج الأمة بل وحارب ضد الأمة. وسيجد الخيون مسوغا لمن فعل ذلك...
 
ثم انتقل الى موضوع اهل الذمة والعهدة العمرية وطبعا شدد على ان من ثبتها هو ابن تيمية في رسالته عن الكنائس، وهو أمر مجاف للحقيقة فالمسلمون تنازعوا أمر اهل الذمة قبل وبعد ابن تيمية بل ان سفر ابن تيمية ذلك لم يؤخذ به قط في دولة إسلامية، لكن كان لا بد من إقحام ابن تيمية لأغراض طائفية أيضاً.
 
وطبعا كان لكل معلومة تذكر إسقاط على الواقع المعاصر وبالأخص ما يجري في العراق، الخيون ملأ حديثه بانصاف المعلومات، وكما عودنا حرص على الدفاع عن كل طائفة شيعية متطرفة واثبات إسلامها والتبرير لها فالنزارية ليسوا حشاشين بمعنى أنهم يتعاطون الحشيش بل هم مخدرون بقناعات دينية كما هو حال الانتحاريين في العراق لكن الفرق هو ان الحشاشين استهدفوا الوزرا والقادة بينما يستهدف الانتحاريين المغيبون الأبرياء في المقاهي كما حصل في كركوك ولم ينسى طبعا ان يعرج على علم من أعلام المسلمين السنة وهو نظام الملك وسماه نظام الدين مستخفا ومستقلا بأمره وذكر اغتياله من الحشاشين، طبعا غالط الخيون وذكر ان الحشيش لم يكن معروفا آنذاك وحاول وصف الحسن الصباح بالمثقف ونسب الحشيش الى الحشائش الطبية، الخيون يعرف ان النزارية وهم في زمننا الأغاخانية كانو والى عهد قريب يعتبرون الحشيش نبتة مقدسة ويتعاطونها بل أنهم في أفغانستان لا زالو يفعلون ذلك
 
وكذلك في سائر باميرستان، طبعا لتحليلات الخيون دوافع طائفية معاصرة فهو قد اثبت ان العلويين هم شيعة اثنا عشرية في حلقة سابقة مع الدكتور قواص أيضاً، وهو يعلم أنهم غير ذلك.
 
لمز الخيون لنظام الملك كان مستمرا فذكر قسوة المذهب الشافعي على اهل الذمة، وكيف ان المذهب الحنفي أرق في التعامل معهم، ونظام الملك أسس المدارس النظامية التي حفظت الإسلام السني والتي خرجت الزنكيين ومن بعدهم الأيوبيين ومن بعدهم المماليك بل وأثمرت عن عودة وسط آسيا الى غرب الصين ثلث مساحة الصين الحالية الى الإسلام فظهرت الايلخانات الإسلامية بل وفتحت تلك الايلخانات سيبيريا ووصلت الى الدائرة القطبية الشمالية، وأثمر خريجوها في فتح روسيا الى بلاد التتر والبشكير ودفعت ولاية موسكوفيا الجزية، لكن لماذا إذا يكره الخيون نظام الملك والنظامية؟ ابحث عن الطائفة! فالايلخانات قضت على المدارس الشيعية بل وشردت الاثنا عشرية والإسماعيلية، ولذا نلاحظ مدحه الغريب لحكم المغول قبل دخولهم الاسلام وأيضاً لأسباب طائفية محضة، الشاهرودي المعاصر "وهو شيعي والخيون يعرف كتاباته حق المعرفة، لانه نقل عنه دون ذكر اسمه" يذكر ان المدارس الشيعية ازدهرت في عهد المغول حيث ان الشيعة في الحلة والكاظمية استثنوا مع اليهود والنصارى وكبار التجار من الذبح المغولي! بل ان العصر الذهبي للفقه الشيعي الاثنا عشري كان في عهد الحكم المغولي، ولم ينسى الخيون ذكر ان من بين وزراء حكومة المغول كان وزيرا سنيا.
 
وفي عهد المغول طبعا ظهر الحلي وانتظم أمر الفقه الشيعي، بل نستطيع ان نقول ظهر الفقه الشيعي بكلياته وأصوله، حيث ظهرت المدرسة الأصولية، ولذا من الطبيعي ان تلعب الغرائز الطائفية بقلب الخيون، لكن الابشع هو ان يبرر لفتوى ابن طاوس ويذكر قصة مختلقة في ذلك، معتمدا على اكذب المؤرخين الشيعة ابن الطقطقي وكان ابن الطقطقي نقيبا من نقباء الشيعة وكذلك كان ابن طاوس.
 
فتاوى ابن طاوس قد تروق للخيون كعلماني لكنها في حقيقة الأمر تبرر لهولاكو احتلال العراق، الأمر الآخر هو ان الخيون خلط بين قاعدة أصولية وهي "ان الحكم يستقيم بالكفر ولا يستقيم بالظلم" مع تولية عدو الأمة لمقاليد الأمور والاسقاط هنا واضح حكم بريمر "الكافر" خير من حكم صدام "المسلم"، بل ان هذا عين ما قاله ابن طاوس وهو ان حكم هولاكو خير من حكم المستعصم، الغريب هو انه استشهد بمؤرخ المغول فضل الله الهمذاني، او الخوجة الهمذاني وهو اي الأخير شيعي متعصب جدا ويذكر ان ٨٠٠ ألف على الأقل قتلوا في العراق في غزو هولاكو، فهل هذا خير من حكم المستعصم، وطبعا يستشهد الخيون مرة أخرى بالهمذاني لإثبات براءة ابن العلقمي، ويبرر تولي ابن العلقمي للوزارة بانه كان هناك وزراء سنة، ويكرر حديث الهمذاني ان ابن دويدا الحنبلي كان العميل، دون ذكر اسم ابن دويدار الذي يعد من أعلام السنة بل ان السنة الى الآن يتسمون باسم دويدار تيمنا به.
 
وطبعا حور الرواية التاريخية التي ذكرها ابن كثير، فبينما يذكر ابن كثير ان
 
المستعصم كان ماجنا وكان مهملا لأمر الإسلام ضعيف الحيلة، وانه فعلا أراد وزراءه الانقلاب عليه وتعين ابنه ابو بكر لان المستعصم قلص الجيش الى عشرة آلاف فارس فقط بعد ان كان مئة ألف بناء على نصيحة ابن العلقمي، يقول الخيون العكس، وطبعا مصدره الوحيد هو الهمذاني الشعوبي الحاقد، فبينما يروي جميع المؤرخين العرب والأكراد والأتراك قريبي العهد بالحدث تواطؤ ابن العلقمي في صرف الجيش وعدم صرف مرتباتهم بل أنهم يروون القصائد التي قيلت في تسول الجند نتيجة لأفعال ابن العلقمي يروي الخيون العكس عن مورخ حاقد على العرب والمسلمين، بل ان الهمذاني كان يستنكف عن الكتابة بالعربية، وقل ما كتب بها حيث حرص على تبجيل المغول وبيان عظمتهم بالفارسية. لكن قد يتسائل المرء ما أهمية هذا الحوار؟ السبب سهل وبسيط الشيعة المعاصرون متهمون -وشخصيا لا أؤيد تلك التهمة- بمعاداة ألامة والتعامل مع الغزو الأمريكي بل والنهي عن قتاله، في فتاوى دينية بل وسياسية حيث انه حتى القوى الشيعية العلمانية بررت للاحتلال، الغريب ان الخيون لم يتفادى هذا الإسقاط فذكر مواقف المراجع الشيعة من ثورة العشرين على الغزاة الإنجليز وبرر فتواهم بعدم محاربة الإنجليز انها كانت لعدم القدرة ولان حكمهم اصبح أمرا واقعا، وطبعا لم يذكر مراجع افتوا بالجهاد مثل الحبوبي والحيدري والخالصي والثلاثة عرب أقحاح، بل ذكر "يزدي" نسبة إلى يزد و"شيرازي" نسبة الى شيراز، ووصفهم بالمرجعية، ولله العجب! وهذا واضح فى اتجاه طائفى فارسى يكره العرب ومرجعياتها
 
طبعا لم ينسى الخيون لا دينيته فكان لا بد من مدح المعتزلة وذكر اعلائهم للعقل وخلط أمورا عن عمد فهو باحث متخصص ولن يقع في أخطاء بسيطة مثل تلك، فالمامون تبنى الجهمية وليس الاعتزال وان كان بين الجهمية والاعتزال تقارب اما عن شرحه لفكر المعتزلة فتعمد إظهار أمور وإخفاء أخرى، فمدار الحديث عن خلق القران يفضي بلا ما يدع مجال للشك الى القول ان القران من صنع وكتابة البشر، او بالتعبير المعاصر "نتاج الحراك الاجتماعي" اما بخصوص ما إذا كانت مدرسة الاعتزال قد اندثرت، فهي لم تندثر كلاميا بل هي حية فالامامية الاثنا عشرية والزيدية والإباضية يثبتون قول المعتزلة في خلق القران ويخالفونهم قليلا في باب الصفات الغريب ان اليهود أيضاً تبنوا الاعتزال حيث ان موسى بن ميمون ترجم فكر المعتزلة والبسه صبغة يهودية، وطبعا قال الخيون ان الاعتزال قد اندثر وهذا غير صحيح البتة، ثم عاد في حديثه وناقض نفسه عندما ذكر ان عمرو بن عبيد كان من جلاس الحسن البصري وأوضح ان الفرق لم تكن قد تشكلت بهذه الصورة بعد، وهذا ينسف حديثه في بداية البرنامج تماماً، فمجلس الحسن البصري بقول الشيعة والسنة والخوارج جمع أعلام جميع تلك الطوائف، بل انه كان يصلي بهم جميعا في مسجده، اما عن قوله انه ليس بالإمكان تحديد ما إذا كان عمرو بن عبيد سنيا أم شيعيا فهذا أيضاً من ذكر أنصاف الحقائق فالشيعي في ذلك الوقت هو من قال بأفضلية علي على غيره من الصحابة والخارجي من انكر التحكيم اما السني فهو من اثبت الخلافة لمن انعقدت له برضا المسلمين بالشورى، ولذا فغالب أوائل المعتزلة سنة، بذاك المعنى. اما كونهم
 
من اهل السنة والجماعة فمبحث آخر، الشاهد من الحديث هو ان الخيون يعلي من شأن المعتزلة لأسباب دوغمائية متعلقة بماديته فمآل الاعتزال هو نفي الصفات عن الإله بل ان متطرفيهم يصلون الى نفي القدرة أصلا عن الإله، فهو كاله أرسطو خلق العالم وتركه وحده، هذا إذا كان خلقه أصلا؟
 
اما إخوان الصفا فطبعا نالهم من حب الخيون جانبا وكال عليهم المديح، وطبعا إخوان الصفا من غلاة الإسماعيلية وينكرون الخلق والمعاد أصلا فهم دهريون، ومنهم من يقول بالفيض ومنهم من يقول بازلية العالم، ولا يذكر الخيون ان إخوان الصفا كتبوا في التنجيم والطالع وتأثير الكواكب على البشر وتناسخ الأرواح والدور الخ من الخرافات.
 
الغريب ان الخيون ذكر أمرا واستغربت على باحث مثله ان لا يعرفه لكن إذا عرف السبب بطل العجب، فذكر انه وجد في احد كتب المعتزلة ذكر تساقط الأجسام وتعجب من كتابة "المسلمين" ذلك قبل ٨٠٠ عام من إعلان نيوتن عن قانون الجاذبية، واعتمد على قوله ذلك لمدح المعتزلة وطبعا ذكر معهم إخوان الصفا وعبر عن سروره بان وجد صفحة مضيئة في تاريخ المسلمين!
 
طبعا الخيون يعرف ان نيوتن مكتشف قانون الجاذبية وليس الجاذبية، اثنين يعرف ان نيوتن وضع نظرية الجاذبية للكشف عن آلية تحرك الأجرام السماوية، ويعرف ان الإغريق والصينيين والهنود والمسلمين بحثوا مسألة تساقط الأجسام لكن الغرض الدوغمائي الطائفي هو ما جعله يعبر عن ذهوله وكأنه حقق كشفا جديدا! لماذا؟ الفكرة بسيطة الطوائف الإسلامية او المنتمية الى الإسلام ظاهريا "أبدعت فكريا وعلميا" اما التيار الإسلامي العام "الفكر السني الحنبلي المتحجر" فلم ينتج شيئا، ولذا "لا بد من أعادت تفسير الإسلام وتأويله بما يتناسب مع العصر مستأنسين بتراثنا الذي يضم اجتهادات جريئة بل وسابقة لعصرها". وهذا التراث "المضيء" هو كل ما كتب بالعربية والفارسية والتركية خلال اربعة عشر قرنا مضيئا، بشرط ان لا يتوافق مع كليات الطائفة السنية، والتراث يشمل كتب الدعارة والتنجيم والسحر والشعوذة بل وحتى المثلية الجنسية، فكتاب "الاغاني" من التراث، وكتاب "عودة الشيخ الى صباه في القدرة على الباه" من التراث، بل ويستدل بما ورد في تلك الكتب في حوار جدي رصين عن الفتنة الكبرى مثلا، واحيانا يستدل بكتب غير موجودة أصلا ككتاب سليم بن قيس في مناقشة تاريخ جمع المصحف، الحديث بين المزدوجات ليس للخيون.
 
الخيون قبل غيره يعرف من اكتشف ووضع قوانين: الجبر، حساب المثلثات، الأرقام الهندية، اللوغاريتمات، قوانين الفيزياء الأولية، حساب الأوزان، قوانين الحركة، قوانين الهيدرمكانيكا، الدورة الدموية، قطر الأرض، أبعاد الأجرام السماوية، خطوط الطول والعرض في الكرة الأرضية، قوانين البصريات، انعكاس وانكسار الضؤ، ومن صنع: الأسطرلاب، التلسكوب، الكاميرا الصناعية، التروس الميكانيكية، الحديد الصلب، الأحماض غير العضوية، الزيوت الطيارة، الأصباغ، الورق الحديث (الورق الحقيقي وليس شبيه الورق الصيني)، المدفع، الصاروخ، العدسات الى قائمة طويلة
 
جدا جدا بحسب مؤرخي العلوم الطبيعية الغربيين والشرقيين، ولم يكن بين اي من هؤلاء المثقفين الجهابذة العظام "اللي خرمو التعريفة" من المعتزلة وإخوان الصفا والإسماعيلية بل ان اول شخص حسب قطر الكرة الأرضية بدقة وهو البيروني كتب كتابا في كفر الإسماعيلية، والغزالي الذي "أغلق باب الاجتهاد" وكتب ايضا كتابا في كفر الاسماعيلية وضع مجلدين في الرياضيات كان من اهم ما جاء فيهما قانون الاحتمالات.
 
الخلاصة: الخيون يمثل حالة من حالات المثقف الطائفي في العالم العربي فهو لا ديني في فكره وسلوكه ربما لكنه لم يتخلى عن شعوره بالمظلومية والاضطهاد من أغلبية يظن انها سامته سؤ العذاب لألف وأربعمئة عام، وهو لذا يجند كل طاقاته المعرفية والفكرية في نقد "التراث" والمقصود ب"نقد التراث" هو مقاضاة ومحاكمة تاريخ الأغلبية السنية وبيان انه كان مظلما داكنا حالك السواد، بشعا مريعا، وتبدأ القصة دائماً بعثمان وتقريبه لبني أمية ثم جرائم بني أمية ثم السواد الحالك في عهد العباسيين والنقطة الوحيدة المضيئة هي عهد المأمون والمتوكل حين وصلت "الأقليات" فعليا الى الحكم، وبعد ذلك ظلام دامس في عهد السلاجقة والمماليك والعثمانيين، وطبعا سلسلة طويلة من المحفوظات في أنهم كانوا سبب التخلف والانحطاط والانحدار الخ.
 
ويلي كل ذلك إسقاط كل السلبيات الحقيقية والمزعومة على الواقع المعاصر، والتبرير لأي تصرف اقلوي معادي للأمة ومصالحها، وطبعا حتى الأمة يعاد تعريفها وتشكيلها، وبهذا يصبح التحالف مع الغزو الأمريكي والتبرير له عملا وطنيا مشروعا وليس فعلا إراديا او لا إراديا ضد الأمة، ويصبح التحالف المذهبي والطائفي مع الحكم الأقلوي في سوريا مبررا بالدفاع عن آخر معقل للمدنية والتنوير او العلمانية في المنطقة العربية، وتصبح الأقليات التي تعتبر نفسها خارج الإسلام، مدارس اجتهادية وفكرية استطاعت إعادة تفسير الإسلام بصيغة إنسانية لا تتعارض مع التيار المدني الحديث.
 
في الختام ما فهمته هو ان الأصولية السنية هي سبب كل المصائب والبلاوي التي حلت بالعرب والمسلمين ومنظرها الأول هو ابن تيمية الذي لا زال فكره يقتل الأبرياء بالهجمات الانتحارية ويمنع تقدم الأمة، اما الأقليات المظلومة فكانت رائدة للتنوير والحضارة وتحالفت مع الغازي حرصا على مصالح الأمة، اما أعلامها ورموزها فاتهمو ظلما وعدوانا بالخيانة والعمالة في الماضي والحاضر. والعجب العجاب.

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013



قد قال لي يوماً أبي
إن جئت يا ولدي المدينة كالغريب
وغدوت تلعق من ثراها البؤس
في الليل الكئيب
قد تشتهي فيها الصديق أو الحبيب
إن صرت يا ولدي غريباً في الزحام
أو صارت الدنيا امتهاناً .. في امتهان
أو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوان
إن ضاقت الدنيا عليك
فخذ همومك في يديك
واذهب إلى قبر الحسين
وهناك صلي ركعتين
أبتاهُ .. لا تحزن
فقد مضت السنين
ولم أصلِّ .. في الحسين
لو كنتَ يا أبتاهُ مثلي
لعرفتَ كيف يضيع منا كلُ شيء
بالرغم منا .. قد نضيع
من يمنح الغرباءَ دفئاً في الصقيع؟
من يجعل الغصنَ العقيمَ
يجيء يوماً .. بالربيع ؟
من ينقذ الإنسان من هذا .. القطيع ؟

الاثنين، 23 ديسمبر 2013


  • امير ” داعش ” من هو ؟؟؟
  • أبو بكر البغدادي، اسم ارتبط بالتنظيمات الإسلامية التكفيرية منذ ظهوره، فإبن مدينة سامراء العراقية، ولد بإسم إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري لعائلة متدينة تتبع العقيدة السلفية التكفيرية، ووالده الشيخ عواد من وجهاء عشيرة البوبدري العراقية التي تعود اصولها الى قريش، وأعمامه دعاة اسلاميون في العراق.
  • من هذا المناخ العائلي المتشدد خرج “ابو دعاء” كما يلقب، ليمر على العديد من التنظيمات الجهادية التكفيرية في العراق و يستقر اخيرا اميراً لدولة الإسلام في العراق و الشام.
  • إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري المولود عام 1971، يحظى بعدد كبير من الأسماء والألقاب، “علي البدري السامرائي”، ” أبو دعاء “، الدكتور إبراهيم، “الكرار”، واخيراً ” أبو بكر البغدادي”. هو خريج الجامعة الإسلامية في بغداد، درس فيها البكالوريوس، الماجستير والدكتوراه، وعمل أستاذاً ومعلماً وداعية، ضليع بالثقافة الإسلامية، العلم والفقة الشرعي، ولديه إطلاع واسع على العلوم التاريخية والأنساب الشريفة.
  • نشاطات البغدادي لم تقتصر على الجانب الدعوي والتربوي كما بدأ، بل انتقل في السنوات الـ8 الأخيرة الى الجانب «الجهادي» العسكري، حيث ظهر كقطب من اقطاب السلفية الجهادية وأبرز منظريها في محافظتي ديالى وسامراء العراقيتين، أولى نشاطاته بدأت من جامع الإمام أحمد بن حنبل، حيث اسس خلايا جهادية صغيرة في المنطقة، قامت بعدد من العمليات الإرهابية وشاركت في حروب الشوارع التي شهدها العراق في السنوات الماضية، انشأ بعدها اول تنظيم اسماه “جيش اهل السنة والجماعة” بالتعاون مع بعض رفاقه من الخط والنهج نفسه، ونشّط عملياته في بغداد، سامراء وديالى، ثم ما لبث ان انضم مع تنظيمه الى مجلس شورى المجاهدين حيث عمل على تشكيل وتنظيم الهيئات الشرعية في المجلس وشغل منصب عضو في مجلس الشورى حتى إعلان دولة العراق الإسلامية.
  • بتاريخ 16 أيار 2010، نصّب ابو دعاء اميرا للدولة الإسلامية في العراق، فبعد ان عمل على استخدام علاقاته الواسعة مع العشائر في سامراء وديالى لضم شباب العشائر الى التنظيم، وكسب تأييد زعماء العشائر ومبايعتهم لأمير الدولة الإسلامية في العراق السابق، حامد داود او “البغدادي الأول”، تولى ابو دعاء الخلافة بناء على وصية الأول بأن يكون خلفه.
  • منذ تولي ابو بكر البغدادي قيادة تنظيم دولة الإسلام في العراق، قام بتنفيذ عدد كبير من العمليات والهجمات الإرهابية التي حصدت ارواح عدد كبير من العراقيين، اشهرها كانت عملية مسجد أم القرى في بغداد التي أسفرت عن مقتل النائب العراقي خالد الفهداوي، وهجمات انتقامية لمقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق اسامة بن لادن، حيث شن عدة عمليات ارهابية في العراق ادت الى استشهاد العشرات من رجال الشرطة العراقية والمواطنين، وتبنى عبر الموقع الإلكتروني التابع لتنظيم القاعدة في العراق اكثر من 100 هجوم انتحاري انتقاما لمقتل بن لادن، تلاها عدة عمليات في العراق صنفت بالنوعية كعملية البنك المركزي، ووزارة العدل، واقتحام سجني أبو غريب والحوت.
  • بعد اندلاع الأزمة السورية، استفادت الفصائل الإسلامية المتشددة من حال الفوضى التي عمت البلاد، ونشأ اواخر العام 2011 ما يسمى بجبهة نصرة اهل الشام، والتي ظهر من خلال ممارساتها العسكرية والفكرية تبعيتها للنهج السائد لدى دولة الإسلام في العراق، وبتاريخ التاسع من نيسان عام 2013 ظهر تسجيل صوتي منسوب لابي بكر البغدادي يعلن فيه ان جبهة النصرة هي امتداد لدولة العراق الاسلامية داعيا الى الغاء اسمي جبهة النصرة ودولة العراق الاسلامية وجمهما تحت مسمى واحد وهو الدولة الاسلامية في العراق والشام او ما يختصر بكلمة “داعش”. تلاها بعد فترة قصيرة تسجيل صوتي لابي محمد الجولاني، امير ما يسمى بجبهة النصرة، يعلن فيه عن صحة علاقته مع دولة العراق الاسلامية لكنه نفى شخصيا او مجلس شورى الجبهة ان يكونوا على علم بهذا الاعلان فرفض فكرة الاندماج واعلن مبايعة تظيم القاعدة في افغانستان. بعد ذلك بشهرين امر زعيم تنظيم القاعدة في العالم ايمن الظواهري فك الاندماج الا ان البغدادي تابع نشاطه تحت مسمى دولة الإسلام في العراق والشام لتصبح واحدة من الجماعات الجهادية الرئيسية التي تقاتل ضدّ النظام في سوريا.
  • المعلومات اللوجستية حول هذا التنظيم الجديد غير محددة، لا عديدا ولا عتادا، الا انها تضم الآلاف من المقاتلين المتشددين بما فيهم عرب واجانب، حيث شكل كما النصر سابقا مركز استقطاب للجهاديين في العالم كله للقتال في سوريا. وصفت داعش بالأكثر تشددا من جبهة النصرة على الرغم من فظاعة ما اقترفته الأخيرة، الا ان احكام داعش وممارساتها صنفت بالأفظع بين جميع التنظيمات المنتشرة على الأراضي السورية، وبلغ التطرف المسيطر على هذا التنظيم، حد الدخول في مواجهة مع ما يوصف بي ابناء الخندق الواحد، فأعلن التنظيم حربا وقائية على ما وصفهم بالـ”منافقين” اي الجيش الحر، حيث يختلف معهم في العقيدة والأهداف، واستطاع ان يهزمهم في عدد من المناطق كحلب وإدلب وريفيهما، واستطاع في إعزاز ان ينهي وجود لواء كبير من الوية الجيش الحر، “عاصفة الشمال”، حيث خاض مواجهات عنيفة معهم وصلت حد تكفيرهم واستباحة دمائهم، ونفذت العديد من احكام الإعدام بحق قياديين في الجيش الحر في حلب وريف اللاذقية، دير الزور والرقة.
  • ١٠ ملايين دولار مقابل معلومات عن مكان البغدادي
  • خصصت الحكومة الأمريكية جائزة قيمة لمن يساعد في القبض على أبوبكر البغدادي، وجاء في إعلان على موقع مخصص لـ «المكافآت من أجل العدالة» تابع لوزارة الخارجية الأميركية، أن الوزارة تطلب معلومات لمكافحة الإرهاب الدولي، ومطلوب معلومات تدل إلى مكان وجود أبو دعاء (أبو بكر البغدادي) مقابل جائزة قيمة تصل إلى 10 ملايين دولار.
  • المصدر : حسين طليس

شاركها !

الأحد، 22 ديسمبر 2013

صدر يتحدث عن تقسيم العراق وميوله لإيران ويكشف عن "اقوى الرجال" وانتظار بارزاني في النجف
الكاتب: عن شفق نيوز
يأخذ معارضو زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عليه، انتقاله إلى الخطاب الهادئ، الداعي إلى التصالح والمشاركة، والانفتاح على الآخرين، بديلاً من صورة قائد الميليشيا التي رسمت له إعلامياً بعد عام 2003، ويشككون في هذه الانتقالة ودوافعها. لكن مؤيدي تطورات الصدر السياسية والفكرية التي تبلورت بعد عام 2008، يتهمون المعارضين، خصوصاً في الأوساط الشيعية، بأنهم يرفضون تمرد الصدر على تلك الصورة النمطية التي يراد حبسه فيها، ومنافستهم على المساحة السياسية التي يعملون فيها. الصدر الذي أكد في حوار مع "الحياة" تابعتها "شفق نيوز"، أنه لن يشارك تحت أي ظرف في أي حرب أهلية. ويشدد على رفضه التدخل في الشأن السوري. ويقول في شكل صريح إن قاسم سليماني هو الرجل الأقوى في العراق، يحاول أن يكرس منهجاً مختلفاً للزعيم الديني والسياسي، فهو يفتح على هامش الحوار معه أقواساً يتحدث فيها عن رؤيته لشكل العلاقة مع العرب كعنصر توازن ضروري في مستقبل العراق. وهنا نص الحوار مع مقتدى الصدر في منزله بحي الحنانة في النجف، والذي أجري بالتعاون مع صحيفة "المدى" البغدادية: > نبدأ من سؤال افتراضي... اتخذتم موقفاً معروفاً من حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وشاركتم في محاولة إقالتها صيف 2012. لو عاد الزمن بكم إلى الوراء، هل تتخذون قرار الذهاب إلى أربيل؟ - كأني بك تلوح بالندم على القرار، إذا كان هذا قصدك أقول: كلا، لست نادماً، بل ولا زال الأمر قائماً. فأنا قلت لهم في أربيل: إنكم إذا جمعتم (124) صوتاً فستكون كتلة الأحرار معكم فيكون مجموعكم: (164) وهو كافٍ في سحب الثقة من رئاسة الوزراء. > لكنك لم تقم بزيارة إقليم كوردستان بعد هذا التاريخ؟ - كلا، لن أذهب فأنا وكأي فرد من أفراد الحوزة، بل والمجتمع العراقي عموماً أقول: لا بد على أخي العزيز مسعود بارزاني من رد الزيارة... وأنا بانتظاره في النجف الأشرف، وسواء أتى أم لم يأتِ، سيبقى صديقاً وشريكاً ليس في السياسة فقط، بل في جميع الأمور وسيبقى التواصل قائماً بيننا مهما حدث... فلقد وجدته قائداً ثائراً وسيبقى كذلك إن شاء الله. > كتبتم عن توصيف تلك المرحلة أن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني شارك، إضافة إلى السيد المالكي، في الضغط عليكم لمنعكم من الذهاب إلى أربيل. هل كان هذا الضغط هو سبب مغادرتكم مدينة قم الإيرانية وتوجهكم إلى بيروت والنجف؟ - لا، لم يكن هذا السبب على الإطلاق، لا من قريب ولا من بعيد... فأنا لست ممن يحدد ويعلق الصداقة وطيب العلاقة على القرارات السياسية واختلاف وجهات النظر الثانوية على الإطلاق، بل وإن اختلفت معهم في بعض الأمور الجوهرية، إلا أنني أحبذ أن أحافظ على علاقات طيبة مع الجميع قدر الإمكان إلا دول الاحتلال. > لديكم تقويم خاص لشخصية قاسم سليماني الذي يوصف غربياً بأنه الرجل الإيراني القوي في العراق؟ - نعم، كان الرجل الأقوى في العراق وفق ما أفادت به بعض البيانات والاستطلاعات والله العالم... لكن النقطة أو الصفة الأهم في شخصيته هو أنه صاحب مبدأ بالنسبة إلى قضيته وجمهوريته وحكومته ومذهبه، وقد أفنى نفسه من أجلهم... وأنا قلتها سابقاً وسأكررها: إن حصلنا على عراقيين بهذه الروح لاستطعنا بناء العراق كما هم استطاعوا بناء إيران سياسياً وحكومياً. > كيف تتوقع الخريطة السياسية التي ستظهر بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في ضوء نتائج انتخابات المحافظات الأخيرة. هل تعتقد أن متغيرات عميقة يمكن أن تجري على تلك الخريطة؟ - لدي أجوبة عدة على هذا السؤال، الأول إن الإخوة في «دولة القانون» لم يتوقعوا هبوط شعبيتهم قبل انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت قبل أشهر. لذا، فإن النتائج جاءت مباغتة ومن دون توقع منهم، أما الآن فهم يتوقعون ذلك وسيسعون جاهدين وبكل ما أوتوا من قوة لكي يرجعوا المياه إلى مجاريها. العامل الثاني أن الحزب الحاكم عادة وليس في العراق حصراً - ولا أعني دولة القانون - ولا دولة رئيس الوزراء فحسب، يجيرون كل الإمكانات الحكومية كدعاية انتخابية لهم، مثل: تشكيل أفواج الجيش والشرطة وكذلك توزيع الأراضي وحضور افتتاح مشاريع لم يروها من قبل، بل قام بها غيرهم ومنع الوزراء من حضورها وافتتاحها على رغم أنها أحد منجزاتهم، بل وتصرف الحزب والضغط على القضاء العراقي الذي بات يبرئ ويميع الدعاوى المضادة للحزب الحاكم ويفعل ما كان لمصلحته وضد معارضيه. ثالثاً، إن الشعب العراقي له صفة معلومة وهي ميله إلى الحزب الحاكم إلا في ما ندر. لذا، يمكن القول إنه سيكون المسيطر في الانتخابات المقبلة، إلا إذا اجتمعت الأحزاب الأخرى ومن دون تهميش حتى للحزب الحاكم السابق - إن جاز التعبير. ورابعاً، سيطرة الحزب الحاكم على المفوضية من خلال تبديل وإزاحة بعض أعضاء المفوضية غير المرغوب بهم عند ذلك الحزب سيكون مؤثراً... العامل الخامس أن تغيير قانون الانتخابات سيكون كفيلاً بإيصال ذلك الحزب، لا سيما مع تغيير السياسة. وأخيراً، إن الدعم الخارجي والأوضاع الخارجية تفيء بظلالها على العراق وعلى الحزب الحاكم والله العالم. > هل هذا يعني أنك لا ترى فرصة للتيار الصدري متحالفاً مع أطراف سنّية وكوردية ومدنية لتشكيل الحكومة؟ - التحالفات على نوعين: الأول: تحالف ما قبل الانتخابات وهو صعب التحقق حالياً لما يمر به العراق من ظرف طائفي يتحتم التراجع الشعبي في حال التحالف السنّي - الشيعي أو العربي والكوردي من جميع الأطراف. والثاني: تحالفات ما بعد الانتخابات وهي غالباً مبنية على توافقات خلف الكواليس، قد تصل الأمور فيها إلى بيع الثوابت من أجل الكرسي، ونحن غير مستعدين لذلك، فضلاً على أننا لا نملك مجريات الحكم حتى نكون أصحاب قرار من هذه الناحية. > كان لديكم تقويم مختلف لشكاوى المناطق السنّية، هل تعتقد أن هناك مظالم حقيقية لدى سنّة العراق؟ ومن تسبب بهذه المظالم؟ - من تسبب بهذه المظالم، أطراف عدة، منها، الاحتلال من خلال بث الفرقة الطائفية، وأيضاً الحكومة العراقية، لأنها العنصر الفاعل في القرار. كذلك الخريطة السياسية التي جعلت من الحكومة ذات تقسيم طائفي، والوضع الخارجي وتفاقم الطائفية في الشرق الأوسط، بل العالم أجمع، ومن الأسباب أيضاً ذوبان الروح الوطنية والأبوية عند الجميع لا الحكومة فحسب، بل حتى السياسيين والأحزاب والمؤسسات العامة وغيرها. مع هذا، فإن السنّة أنفسهم شاركوا في التسبب بظلم السنّة، بسبب انتشار التشدد العقائدي، وترك زمام الأمور أحياناً إلى تنظيم «القاعدة»، وخوف السنّة وانكماشهم من التنظيمات الإرهابية، وميول بعضهم إلى «القاعدة» وحزب الهدام (حزب البعث) وعدم تعاونهم مع الأصوات الوحدوية ودعاة الوطنية... على سبيل المثل كم من مرة صلينا خلفهم ولكنهم لم يعلنوا وقد طلبنا ومنهم وهم يرفضون. > كيف يمكن معالجة مثل هذه المظالم اليوم، هل هناك مواطنون من الدرجة الثانية في العراق؟ - شخصياً أرى أن هناك طرقاً عدة لحل الأزمة مع إخواننا منها زيارة رئيس الوزراء (نوري المالكي) مناطق التظاهر الغربي والشمالي، وتشكيل لجان إسلامية مشتركة من أجل وضع بعض الحلول الستراتيجية لا الآنية، وإصدار بيان مشترك لشجب جميع أنواع الإرهاب والمليشيات الحكومية، والتثقيف لنزع الخوف من قلوب سنّة العراق من الذين هيمنوا على غالبية مناطقهم وأعني - تنظيم «القاعدة» وأمثاله. في الوقت نفسه أرى أن المسؤولية تقع على الجميع، وتتصدر الشخصيات العلمائية والحكومية المسؤولية، وبالنسبة لي لا أسمح بأن يكون هناك مواطنون من الدرجة الثانية والأولى... فالكل كأسنان المشط ولا أفضلية إلا بالتقوى والوطنية. > هل ترون أن مستقبل العراق يتجه إلى قسمة الطوائف أو المكونات، أم إلى دولة المواطنة؟ - وفق المعطيات الحالية، فالعراق متجه إلى التقسيم الطائفي سياسياً واجتماعياً وعقائدياً. > لكن، هناك تداول واسع في النجف لتبني مفهوم «الدولة المدنية»، كيف تعرفون مثل هذه الدولة ودور الدين فيها؟ - الدولة المدنية أو دولة المواطنة الحقيقية هي التي تعطي للجميع هوية واحدة بصرف النظر عن الدين والمذهب والعرق والطائفة، إلا أن المختلف فيه هو أن ذلك لا يكون إلا بمسلك العلمانية ونزع الدين عن السياسة، وأنا أقول: إن هذا لا يمكن تطبيقه، إلا من خلال أسلمة المجتمع وتثقيفه على الأسس والنظم الإسلامية الحقيقية وروح العدل والمساواة ومن خلال التسامح والأخوة الحقيقية ونزع حب الدنيا والتسلط الأبوي والحاكم المتفسخ الذي لا يهتم إلا بجمع المال والحفاظ على الكرسي أياً كان. > لماذا مثلاً شكلتم كتلة سياسية باسم «الأحرار» وليس باسم التيار الصدري، ومنعتم مشاركة رجال الدين ومن يرتدون الزي الديني فيها؟ - تسميتها كتلة الأحرار لها منطلقان: الأول: عقائدي... التحرر من الشيطان وسجن الدنيا والتحرر من الظالمين، والثاني: وطني، بمعنى التحرر من المحتل وأذنابه. أما منعنا رجال الدين فلأجل الحفاظ على سمعتهم وعدم تشويهها في الخوض بأمور ستكون مبعدة لها عن محبيهم وعن القواعد الشعبية ولبقائهم مشرفين ومرشدين وناصحين لما يقع من أخطاء حكومية وما شابه. > اعترفتم في وقت سابق بأن الضغوط السياسية الخارجية هي التي دفعتكم إلى قرار تأييد صفقة تشكيل الحكومة الحالية عام 2010، هل ما زالت تلك الضغوط متواصلة، وهل سنراها في مفاوضات تشكيل حكومة 2014؟ - لم أقل ذلك، قلت إن هناك ضغوطات ولم أقل إن لها تأثيراً في قرار تشكيل الحكومة وفي ذلك فرق كبير... فلست ممن يخضع بسهولة، خصوصاً أن تشكيل الحكومة الحالية كان له مقومات كثيرة غير التيار الصدري كتأييد القائمة العراقية وتأييد الكورد لها ولست أنا فحسب، نعم كانت كتلة الأحرار هي بيضة القبان كما يعبرون، إلا أنها آخر من وافق وهذا واضح لكل متتبع. كان همي أن لا يبقى الشعب بلا حكومة ظناً مني أنها ستقوم بواجباتها أمام شعبها... ولكن! > بماذا تردون على من يتهم التيار الصدري بإرسال مقاتلين إلى جانب نظام الأسد؟ - الأزمة السورية عبارة عن تصفية خلافات بطرق دموية، لا أخلاقية من جميع الأطراف سواء المعارضة المتشددة أم غيرها، والمتضرر الوحيد هو الشعب السوري الذي يعيش في خوف ونقص الأمن والأمان والطعام والغذاء وكل متطلبات الحياة... أنادي كل ضمير حي لإنقاذ سورية، وأنا مستعد لكل شيء من أجل إيقاف نزيف الدم الجاري فيها. وموقفي الرسمي الحقيقي بصرف النظر عن كل ألسنة الكذب هو: أن ما يحدث في سورية أمر داخلي لا يحق لأحد التدخل فيه، فهو شعب يريد تقرير مصيره فما دخلي أنا وما دخل السياسة فيها، اتركوا سورية لسورية، وكفاكم صراعاً. > لكن تياركم رفع في إحدى احتفالاته علم الجيش السوري الحر. هل لديكم استعداد لفتح أبواب الحوار مع الجيش الحر والائتلاف السوري المعارض من دون «جبهة النصرة» و «القاعدة»؟ - لا، ليس لي أي نية لفتح حوار معهم، فالأمر لا يخصني فقد قلت إنه شأن داخلي محض، أما إذا أردت التكلم عن الواعز والمنطلق الديني والإسلامي والعقائدي، فأنا على استعداد تام للدخول كطرف وسيط بين الحكومة السورية وبين المعارضة السياسية غير المسلحة، أما المسلحة فهي أكيد ترفض أي حوار، لا سيما من شخص مثلي... والله العالم. > كيف تقرأ موقف «حزب الله» اللبناني من الأزمة في سورية وهل حصل حوار شيعي - شيعي في شأن هذا الموضوع؟ - لهم سياستهم الخاصة ولي سياستي الخاصة، ولم يكن هناك حوار في ما يخص سورية، ولماذا يكون كل الحوار منصباً على سورية؟، نعم، هي الملف الأخطر لكنه ليس الوحيد فالملف العراقي من جهة والملف البحريني من جهة وملفات أخرى إسلامية وسياسية كثيرة. > كيف ترى علاقات العراق الإقليمية، خصوصاً مع تركيا ومنظومة الدول العربية هل هي علاقات صحية؟ - العلاقات العراقية العربية متذبذبة يغلب عليها الطابع السياسي من دون العقائدي والقومي والعرقي... لا سيما مع دول الجوار، ويميل فيها العراق إلى الجانب الإيراني أكثر من غيره... ووفق فهمي، فإن العلاقات العربية - العراقية يختلف منظارها فهم ينظرون إلى العراق وحكومته كفئة طائفية يصعب التعامل معها، لا سيما أن القرار فيها موزع على الأحزاب ويمكن وصفها بأنها ليست صاحبة القرار الحقيقي بل هناك قرار إقليمي - غربي - شرقي. > لو تسنى لكم رسم شكل معين لسياسة العراق الخارجية كيف تقترح شكل العلاقة؟ - أنا اقترح أولاً: وضع ميثاق إقليمي مع العراق يكون مبنياً على المصالح العامة المشتركة من دون التدخل في الشؤون الداخلية، ثانياً: عقد اجتماعات دورية لأجل وضع حلول ناجعة لما يدور من مشاكل في الشرق الأوسط. وأيضاً أن تبتعد العلاقات عن العنصر الطائفي فهو سهم قاتل، وأن تكون العلاقات محصورة بالدول غير المحتلة العراق، إلا من باب الحصول على التعويضات وبعض المصالح الأخرى. > لماذا لم تبادروا إلى زيارات لدول عربية؟ - أنا على استعداد لتلبية أي دعوة من الدول العربية ودول الجوار، بل طلبت من بعض الدول ذلك ولم يكن منهم رد. > إذا كان العرب مرتابين من شيعة العراق أحياناً، أفليس مناسباً أن يبادر شخص مثلكم، إلى فتح حوار دائم مع الدول الإقليمية يكون في مصلحة شعوب المنطقة ويخفف أزماتها ويقلل من الانقسامات؟ - حاولت فلم أجد أذناً صاغية لأسباب عدة، منها: أولاً: لعلي طرف غير مرضى عنه عند الطرفين، فإني إن دافعت عن مقدساتي والمراقد الشيعية كما في سامراء بت شيعياً طائفياً يميل إلى الشيعة، وإن دافعت عن المتظاهرين في الأنبار وانتخاباتهم أو طلبت سحب ثقة من حاكم شيعي بت عدواً للشيعة وتعاطف معي السنّة قلبياً فقط. فالاستحواذ، إن جاز التعبير، على القلبين الشيعي والسنّي أمر شبه مستحيل. ثانياً: إن مقتدى الصدر وقع عليه قرار دولي إنه يجب أن يكون مغموراً في العراق ودولياً، عراقياً من خلال إفشاله في الانتخابات، ودولياً من خلال إقصائه عن القضايا الدولية والإسلامية. وثالثاً: إن ما يحدث من خلاف بين زعماء الشيعة ومعتدلي زعماء العرب، إنما هو أمر سياسي، ومقتدى الصدر لا تعني له السياسة شيئاً، بل إنني إنما أريد التدخل لأجل المصلحة العامة، ومن أجل وحدة الصف الإسلامي والإنساني فقط، من دون النظر إلى المغانم السياسية أو ما يحدث خلف الكواليس من صراعات سياسية وحكومية. > فرح الكثيرون بالتقارب بينكم وبين الشيخ عبدالملك السعدي، ووجدوه إشارة إلى أن رجال الدين يمكن أن يدعموا مبدأ التقارب لمصلحة الجميع لكنكم لم تلتقيا مع بعض؟ - وجهت له الرسائل وشكرته تحريرياً في أكثر من مورد، فهل وجه لنا رسالة أو شكرنا لموقف؟ أردت اللقاء به في العراق، لكن يصعب علي الذهاب إلى الأنبار ويصعب عليه المجيء إلى النجف، وحينها ذهبت إلى بغداد وصليت في مسجد الكيلاني، فتصورت أنه سيأتي إلى بغداد لألتقيه، لكنه مرض، نسأل الله أن يمن عليه بالصحة والعافية. > لكنه يعيش في الأردن؟ - حاولت الذهاب إلى الأردن، ولكن لم أسمع جواباً إلى الآن، وما كان الهدف من الزيارة إلا اللقاء به. وأظنه بات غير مرضي من بعض المتشددين السنّة فتقلص دوره الشعبي، فإنهم لا يريدون للاعتدال علواً. > متى نرى علاقات طبيعية بين الصدر وأميركا والاتحاد الأوروبي مثلاً؟ - كنت أنوي زيارة دول الاتحاد الأوروبي، إلا أني أصطدم بأكثر من عائق، أولها أنهم لم يعطوا الموافقة على الزيارة، وأيضاً لوجود العضو المحتل العراق (بريطانيا) وهذا ما يجعلني قلقاً من العلاقة معهم... فشعبي قد عانى منهم. أما العلاقة مع الحكومة الأميركية، فحالياً هذا مستحيل، ما لم تقدم أميركا الاعتذار للشعب العراقي عن احتلالها إياه بعد أن تنسحب كلياً وتعوض الأضرار كافة. أما العلاقة مع الشعب الأميركي، فلا أظن أن جميع الشعب مع احتلال حكومتهم العراق، بل الكثير منهم رفض ذلك ولا زال يرفض السياسات الاحتلالية، فلا مانع من توطيد العلاقات الشعبية الأميركية معنا... إلا أن هذا سيصطدم بمانع وهو أن الحكومة الأميركية ستمنع ذلك. > لكن البعض يقول إنه لو جاء رئيس حكومة من التيار الصدري، فإن شركات النفط قد يصيبها القلق من مواقفكم المتشددة. كيف تنظرون إلى الشراكات التجارية والاقتصادية للعراق مع الغرب؟ - وجودها أمر ضروري، لكسب الخبرات ولجودة العمل، لكن بشروط أبرزها عدم تدخلهم بالشأن العراقي. وألا تكون دولة محتلة العراق حالياً، ولو رمزياً. وأن تكون من خلال المناقصات النافعة للشعب لا من باب النفع السياسي والحكومية، وإبعادها عن شيطان الفساد المالي والإداري العراقي، وأن يكون استثمارها في المناطق الفقيرة لا المناطق الغنية، وأن تركز في البداية على البنى التحتية لا البناء على أسس واهية قد تؤول للسقوط عاجلاً لا آجلاً. > هناك فضائيات ومنابر سنّية وأخرى شيعية تثير انقساماً حول خلافات تاريخية قديمة، ألا يمكن المرجعيات المعتدلة أن تتخذ موقفاً؟ - إن المرجعيات الشيعية رافضة وجود هذه المنابر، وأنا سمعت ذلك من بعضهم، إلا أن أمر تلك القنوات ليس بأيديهم، لا سيما أن غالبيتها ليست عراقية، وقرار إغلاقها إما بيد الحكومة أو شخصيات سنّية أو شيعية طائفية تبث من خارج العراق... وأنا من خلال منبركم هذا أدعو الحكومات وتلك الشخصيات إن كانت تعي، إلى أن تغلق تلك القنوات فوراً. > هل يخشى مقتدى الصدر من حرب أهلية في العراق، وأين ستكون منها؟ - المخاوف موجودة، لا سيما في مثل هذه الظروف الطائفية المقيتة، إلا أنني لن أكون طرفاً في هذه الحرب وإن كان ممن ينتمي لي مشتركاً فيها، فأنا بريء من كل المشتكرين. ومن ثم إن الوضع السياسي وإيصال الحكومة الأبوية له المدخلية الأساسية في إلغاء هذه الحرب أو ثبوتها مع وصول الحكومة الديكتاتورية الطائفية لا محالة؟ > اتفاق اربيل ٢٠١٠ تضمن بنوداً لإصلاح القضاء والجيش والتشديد على استقلال السلطات والهيئات المستقلة واحترام البرلمان. هل سنكون أمام لحظة تعيد خطة الإصلاح تلك؟ - لا استقلالية حالياً، فجميع السلطات: القضائية ومفوضية الانتخابات والهيئات المستقلة والجيش والشرطة والوزارات وغيرها عموماً، باتت بيد واحدة لا غير... فأين ديموقراطية الغرب الخادعة الكاذبة؟ > دورة برلمان ٢٠١٠ شهدت تقديمكم دماء جديدة في كتلة الأحرار. هل كانت تجربة تشجعكم على تقديم المزيد من الوجوه الجديدة كنواب وكوزراء؟ - النواب صعب، حيث إن غالبية الشخصيات والدماء الجديدة لا أصوات لها، فدخولهم معنا يعني التردي الانتخابي... وعذراً، لكن وجودهم كمختصين ووزراء فهذا أمر أدعو إليه بشرط الحفاظ على ثوابتنا الوطنية وعدم الخروج عن مركزيتنا في تحديد المصالح العامة لا التدخل في شؤون الحكومة وما شابه. المختصون في كتلة الأحرار بصدد دراسة كيفية الجمع بين كسب الأصوات وبين إلحاق تلك الشخصيات المهمة، ولا يـفـوتني أني من دعاة إدخال الأقليات داخل كتلة الأحرار، لا سيما أصحاب الحس الوطني منهم، لأجل عدم تهميش الأقليات كما حدث سابقاً.