الأربعاء، 25 ديسمبر 2013


 2013 الأربعاء 25 ديسمبر 

قراءة التراث بعيون طائفية.. لا إسلام بلا مذاهب

عبدالكريم الحاج

كرر الأستاذ رشيد الخيون في برنامج علامات استفهام عن كتابه الأخير "لا إسلام بلا مذاهب.، وطروس أخرى" كرر اكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة دون سؤال من مقدم البرنامج الدكتور محمد قواص أنه حريص اشد الحرص على ان لا ينظر الى التراث بعين طائفية، وشدد على موضوعيته، لكن الأستاذ الخيون وقع في البرنامج في طائفية ودوغمائية مركبة فهو وللغرابة شيعي علماني.
 
الكتاب لم اقرأه بعد ولكن دار موضوع الحلقة عن الفصول التي استثارة انتباه الدكتور قواص، الأستاذ رشيد الخيون دار حول عدة مواضيع، اهمها الخلط بين المذهب والطائفة فهو يستخدم كلمة مذاهب بمعنى طوائف، لكنه اخطأ في زلة لسان فشرح ان للشيعة أصولا خمسة غير الثلاثة التي يجمع عليها المسلمون، على حد قوله! فكيف إذا يعد الشيعة مذهبا والسنة مذهبا؟ اليسو طائفتين مختلفتين؟ للأسف هذا المنطق في الحوار هو نفس منطق التقية الذي يتبناه غلاة من الشيعة في "التقريب بين المذاهب" وأي كتاب شيعي دعوي يحمل نفس الفكرة، وما كان يليق بأستاذ فاضل مثل رشيد الخيون ان يسير في نفس المنهج، لكن الغرض واضح: "الشيعة مسلمون مثلهم مثل السنة لا فرق، يختلفون في أمور فرعية وأقوال فقهية".
 
ثم عرج الخيون على حديث الفرق وبين تهافته وخطورته، وطبعا لنفس الغرض، والغرض هو إثبات ان الأمة هي مجموع الفرق الإسلامية بغض النظر عن تفاصيلها العقائدية والفقهية، وطبعا من هذه الفرق من انكر كل معلوم بالضرورة بل واعتبر نفسه خارج الأمة بل وحارب ضد الأمة. وسيجد الخيون مسوغا لمن فعل ذلك...
 
ثم انتقل الى موضوع اهل الذمة والعهدة العمرية وطبعا شدد على ان من ثبتها هو ابن تيمية في رسالته عن الكنائس، وهو أمر مجاف للحقيقة فالمسلمون تنازعوا أمر اهل الذمة قبل وبعد ابن تيمية بل ان سفر ابن تيمية ذلك لم يؤخذ به قط في دولة إسلامية، لكن كان لا بد من إقحام ابن تيمية لأغراض طائفية أيضاً.
 
وطبعا كان لكل معلومة تذكر إسقاط على الواقع المعاصر وبالأخص ما يجري في العراق، الخيون ملأ حديثه بانصاف المعلومات، وكما عودنا حرص على الدفاع عن كل طائفة شيعية متطرفة واثبات إسلامها والتبرير لها فالنزارية ليسوا حشاشين بمعنى أنهم يتعاطون الحشيش بل هم مخدرون بقناعات دينية كما هو حال الانتحاريين في العراق لكن الفرق هو ان الحشاشين استهدفوا الوزرا والقادة بينما يستهدف الانتحاريين المغيبون الأبرياء في المقاهي كما حصل في كركوك ولم ينسى طبعا ان يعرج على علم من أعلام المسلمين السنة وهو نظام الملك وسماه نظام الدين مستخفا ومستقلا بأمره وذكر اغتياله من الحشاشين، طبعا غالط الخيون وذكر ان الحشيش لم يكن معروفا آنذاك وحاول وصف الحسن الصباح بالمثقف ونسب الحشيش الى الحشائش الطبية، الخيون يعرف ان النزارية وهم في زمننا الأغاخانية كانو والى عهد قريب يعتبرون الحشيش نبتة مقدسة ويتعاطونها بل أنهم في أفغانستان لا زالو يفعلون ذلك
 
وكذلك في سائر باميرستان، طبعا لتحليلات الخيون دوافع طائفية معاصرة فهو قد اثبت ان العلويين هم شيعة اثنا عشرية في حلقة سابقة مع الدكتور قواص أيضاً، وهو يعلم أنهم غير ذلك.
 
لمز الخيون لنظام الملك كان مستمرا فذكر قسوة المذهب الشافعي على اهل الذمة، وكيف ان المذهب الحنفي أرق في التعامل معهم، ونظام الملك أسس المدارس النظامية التي حفظت الإسلام السني والتي خرجت الزنكيين ومن بعدهم الأيوبيين ومن بعدهم المماليك بل وأثمرت عن عودة وسط آسيا الى غرب الصين ثلث مساحة الصين الحالية الى الإسلام فظهرت الايلخانات الإسلامية بل وفتحت تلك الايلخانات سيبيريا ووصلت الى الدائرة القطبية الشمالية، وأثمر خريجوها في فتح روسيا الى بلاد التتر والبشكير ودفعت ولاية موسكوفيا الجزية، لكن لماذا إذا يكره الخيون نظام الملك والنظامية؟ ابحث عن الطائفة! فالايلخانات قضت على المدارس الشيعية بل وشردت الاثنا عشرية والإسماعيلية، ولذا نلاحظ مدحه الغريب لحكم المغول قبل دخولهم الاسلام وأيضاً لأسباب طائفية محضة، الشاهرودي المعاصر "وهو شيعي والخيون يعرف كتاباته حق المعرفة، لانه نقل عنه دون ذكر اسمه" يذكر ان المدارس الشيعية ازدهرت في عهد المغول حيث ان الشيعة في الحلة والكاظمية استثنوا مع اليهود والنصارى وكبار التجار من الذبح المغولي! بل ان العصر الذهبي للفقه الشيعي الاثنا عشري كان في عهد الحكم المغولي، ولم ينسى الخيون ذكر ان من بين وزراء حكومة المغول كان وزيرا سنيا.
 
وفي عهد المغول طبعا ظهر الحلي وانتظم أمر الفقه الشيعي، بل نستطيع ان نقول ظهر الفقه الشيعي بكلياته وأصوله، حيث ظهرت المدرسة الأصولية، ولذا من الطبيعي ان تلعب الغرائز الطائفية بقلب الخيون، لكن الابشع هو ان يبرر لفتوى ابن طاوس ويذكر قصة مختلقة في ذلك، معتمدا على اكذب المؤرخين الشيعة ابن الطقطقي وكان ابن الطقطقي نقيبا من نقباء الشيعة وكذلك كان ابن طاوس.
 
فتاوى ابن طاوس قد تروق للخيون كعلماني لكنها في حقيقة الأمر تبرر لهولاكو احتلال العراق، الأمر الآخر هو ان الخيون خلط بين قاعدة أصولية وهي "ان الحكم يستقيم بالكفر ولا يستقيم بالظلم" مع تولية عدو الأمة لمقاليد الأمور والاسقاط هنا واضح حكم بريمر "الكافر" خير من حكم صدام "المسلم"، بل ان هذا عين ما قاله ابن طاوس وهو ان حكم هولاكو خير من حكم المستعصم، الغريب هو انه استشهد بمؤرخ المغول فضل الله الهمذاني، او الخوجة الهمذاني وهو اي الأخير شيعي متعصب جدا ويذكر ان ٨٠٠ ألف على الأقل قتلوا في العراق في غزو هولاكو، فهل هذا خير من حكم المستعصم، وطبعا يستشهد الخيون مرة أخرى بالهمذاني لإثبات براءة ابن العلقمي، ويبرر تولي ابن العلقمي للوزارة بانه كان هناك وزراء سنة، ويكرر حديث الهمذاني ان ابن دويدا الحنبلي كان العميل، دون ذكر اسم ابن دويدار الذي يعد من أعلام السنة بل ان السنة الى الآن يتسمون باسم دويدار تيمنا به.
 
وطبعا حور الرواية التاريخية التي ذكرها ابن كثير، فبينما يذكر ابن كثير ان
 
المستعصم كان ماجنا وكان مهملا لأمر الإسلام ضعيف الحيلة، وانه فعلا أراد وزراءه الانقلاب عليه وتعين ابنه ابو بكر لان المستعصم قلص الجيش الى عشرة آلاف فارس فقط بعد ان كان مئة ألف بناء على نصيحة ابن العلقمي، يقول الخيون العكس، وطبعا مصدره الوحيد هو الهمذاني الشعوبي الحاقد، فبينما يروي جميع المؤرخين العرب والأكراد والأتراك قريبي العهد بالحدث تواطؤ ابن العلقمي في صرف الجيش وعدم صرف مرتباتهم بل أنهم يروون القصائد التي قيلت في تسول الجند نتيجة لأفعال ابن العلقمي يروي الخيون العكس عن مورخ حاقد على العرب والمسلمين، بل ان الهمذاني كان يستنكف عن الكتابة بالعربية، وقل ما كتب بها حيث حرص على تبجيل المغول وبيان عظمتهم بالفارسية. لكن قد يتسائل المرء ما أهمية هذا الحوار؟ السبب سهل وبسيط الشيعة المعاصرون متهمون -وشخصيا لا أؤيد تلك التهمة- بمعاداة ألامة والتعامل مع الغزو الأمريكي بل والنهي عن قتاله، في فتاوى دينية بل وسياسية حيث انه حتى القوى الشيعية العلمانية بررت للاحتلال، الغريب ان الخيون لم يتفادى هذا الإسقاط فذكر مواقف المراجع الشيعة من ثورة العشرين على الغزاة الإنجليز وبرر فتواهم بعدم محاربة الإنجليز انها كانت لعدم القدرة ولان حكمهم اصبح أمرا واقعا، وطبعا لم يذكر مراجع افتوا بالجهاد مثل الحبوبي والحيدري والخالصي والثلاثة عرب أقحاح، بل ذكر "يزدي" نسبة إلى يزد و"شيرازي" نسبة الى شيراز، ووصفهم بالمرجعية، ولله العجب! وهذا واضح فى اتجاه طائفى فارسى يكره العرب ومرجعياتها
 
طبعا لم ينسى الخيون لا دينيته فكان لا بد من مدح المعتزلة وذكر اعلائهم للعقل وخلط أمورا عن عمد فهو باحث متخصص ولن يقع في أخطاء بسيطة مثل تلك، فالمامون تبنى الجهمية وليس الاعتزال وان كان بين الجهمية والاعتزال تقارب اما عن شرحه لفكر المعتزلة فتعمد إظهار أمور وإخفاء أخرى، فمدار الحديث عن خلق القران يفضي بلا ما يدع مجال للشك الى القول ان القران من صنع وكتابة البشر، او بالتعبير المعاصر "نتاج الحراك الاجتماعي" اما بخصوص ما إذا كانت مدرسة الاعتزال قد اندثرت، فهي لم تندثر كلاميا بل هي حية فالامامية الاثنا عشرية والزيدية والإباضية يثبتون قول المعتزلة في خلق القران ويخالفونهم قليلا في باب الصفات الغريب ان اليهود أيضاً تبنوا الاعتزال حيث ان موسى بن ميمون ترجم فكر المعتزلة والبسه صبغة يهودية، وطبعا قال الخيون ان الاعتزال قد اندثر وهذا غير صحيح البتة، ثم عاد في حديثه وناقض نفسه عندما ذكر ان عمرو بن عبيد كان من جلاس الحسن البصري وأوضح ان الفرق لم تكن قد تشكلت بهذه الصورة بعد، وهذا ينسف حديثه في بداية البرنامج تماماً، فمجلس الحسن البصري بقول الشيعة والسنة والخوارج جمع أعلام جميع تلك الطوائف، بل انه كان يصلي بهم جميعا في مسجده، اما عن قوله انه ليس بالإمكان تحديد ما إذا كان عمرو بن عبيد سنيا أم شيعيا فهذا أيضاً من ذكر أنصاف الحقائق فالشيعي في ذلك الوقت هو من قال بأفضلية علي على غيره من الصحابة والخارجي من انكر التحكيم اما السني فهو من اثبت الخلافة لمن انعقدت له برضا المسلمين بالشورى، ولذا فغالب أوائل المعتزلة سنة، بذاك المعنى. اما كونهم
 
من اهل السنة والجماعة فمبحث آخر، الشاهد من الحديث هو ان الخيون يعلي من شأن المعتزلة لأسباب دوغمائية متعلقة بماديته فمآل الاعتزال هو نفي الصفات عن الإله بل ان متطرفيهم يصلون الى نفي القدرة أصلا عن الإله، فهو كاله أرسطو خلق العالم وتركه وحده، هذا إذا كان خلقه أصلا؟
 
اما إخوان الصفا فطبعا نالهم من حب الخيون جانبا وكال عليهم المديح، وطبعا إخوان الصفا من غلاة الإسماعيلية وينكرون الخلق والمعاد أصلا فهم دهريون، ومنهم من يقول بالفيض ومنهم من يقول بازلية العالم، ولا يذكر الخيون ان إخوان الصفا كتبوا في التنجيم والطالع وتأثير الكواكب على البشر وتناسخ الأرواح والدور الخ من الخرافات.
 
الغريب ان الخيون ذكر أمرا واستغربت على باحث مثله ان لا يعرفه لكن إذا عرف السبب بطل العجب، فذكر انه وجد في احد كتب المعتزلة ذكر تساقط الأجسام وتعجب من كتابة "المسلمين" ذلك قبل ٨٠٠ عام من إعلان نيوتن عن قانون الجاذبية، واعتمد على قوله ذلك لمدح المعتزلة وطبعا ذكر معهم إخوان الصفا وعبر عن سروره بان وجد صفحة مضيئة في تاريخ المسلمين!
 
طبعا الخيون يعرف ان نيوتن مكتشف قانون الجاذبية وليس الجاذبية، اثنين يعرف ان نيوتن وضع نظرية الجاذبية للكشف عن آلية تحرك الأجرام السماوية، ويعرف ان الإغريق والصينيين والهنود والمسلمين بحثوا مسألة تساقط الأجسام لكن الغرض الدوغمائي الطائفي هو ما جعله يعبر عن ذهوله وكأنه حقق كشفا جديدا! لماذا؟ الفكرة بسيطة الطوائف الإسلامية او المنتمية الى الإسلام ظاهريا "أبدعت فكريا وعلميا" اما التيار الإسلامي العام "الفكر السني الحنبلي المتحجر" فلم ينتج شيئا، ولذا "لا بد من أعادت تفسير الإسلام وتأويله بما يتناسب مع العصر مستأنسين بتراثنا الذي يضم اجتهادات جريئة بل وسابقة لعصرها". وهذا التراث "المضيء" هو كل ما كتب بالعربية والفارسية والتركية خلال اربعة عشر قرنا مضيئا، بشرط ان لا يتوافق مع كليات الطائفة السنية، والتراث يشمل كتب الدعارة والتنجيم والسحر والشعوذة بل وحتى المثلية الجنسية، فكتاب "الاغاني" من التراث، وكتاب "عودة الشيخ الى صباه في القدرة على الباه" من التراث، بل ويستدل بما ورد في تلك الكتب في حوار جدي رصين عن الفتنة الكبرى مثلا، واحيانا يستدل بكتب غير موجودة أصلا ككتاب سليم بن قيس في مناقشة تاريخ جمع المصحف، الحديث بين المزدوجات ليس للخيون.
 
الخيون قبل غيره يعرف من اكتشف ووضع قوانين: الجبر، حساب المثلثات، الأرقام الهندية، اللوغاريتمات، قوانين الفيزياء الأولية، حساب الأوزان، قوانين الحركة، قوانين الهيدرمكانيكا، الدورة الدموية، قطر الأرض، أبعاد الأجرام السماوية، خطوط الطول والعرض في الكرة الأرضية، قوانين البصريات، انعكاس وانكسار الضؤ، ومن صنع: الأسطرلاب، التلسكوب، الكاميرا الصناعية، التروس الميكانيكية، الحديد الصلب، الأحماض غير العضوية، الزيوت الطيارة، الأصباغ، الورق الحديث (الورق الحقيقي وليس شبيه الورق الصيني)، المدفع، الصاروخ، العدسات الى قائمة طويلة
 
جدا جدا بحسب مؤرخي العلوم الطبيعية الغربيين والشرقيين، ولم يكن بين اي من هؤلاء المثقفين الجهابذة العظام "اللي خرمو التعريفة" من المعتزلة وإخوان الصفا والإسماعيلية بل ان اول شخص حسب قطر الكرة الأرضية بدقة وهو البيروني كتب كتابا في كفر الإسماعيلية، والغزالي الذي "أغلق باب الاجتهاد" وكتب ايضا كتابا في كفر الاسماعيلية وضع مجلدين في الرياضيات كان من اهم ما جاء فيهما قانون الاحتمالات.
 
الخلاصة: الخيون يمثل حالة من حالات المثقف الطائفي في العالم العربي فهو لا ديني في فكره وسلوكه ربما لكنه لم يتخلى عن شعوره بالمظلومية والاضطهاد من أغلبية يظن انها سامته سؤ العذاب لألف وأربعمئة عام، وهو لذا يجند كل طاقاته المعرفية والفكرية في نقد "التراث" والمقصود ب"نقد التراث" هو مقاضاة ومحاكمة تاريخ الأغلبية السنية وبيان انه كان مظلما داكنا حالك السواد، بشعا مريعا، وتبدأ القصة دائماً بعثمان وتقريبه لبني أمية ثم جرائم بني أمية ثم السواد الحالك في عهد العباسيين والنقطة الوحيدة المضيئة هي عهد المأمون والمتوكل حين وصلت "الأقليات" فعليا الى الحكم، وبعد ذلك ظلام دامس في عهد السلاجقة والمماليك والعثمانيين، وطبعا سلسلة طويلة من المحفوظات في أنهم كانوا سبب التخلف والانحطاط والانحدار الخ.
 
ويلي كل ذلك إسقاط كل السلبيات الحقيقية والمزعومة على الواقع المعاصر، والتبرير لأي تصرف اقلوي معادي للأمة ومصالحها، وطبعا حتى الأمة يعاد تعريفها وتشكيلها، وبهذا يصبح التحالف مع الغزو الأمريكي والتبرير له عملا وطنيا مشروعا وليس فعلا إراديا او لا إراديا ضد الأمة، ويصبح التحالف المذهبي والطائفي مع الحكم الأقلوي في سوريا مبررا بالدفاع عن آخر معقل للمدنية والتنوير او العلمانية في المنطقة العربية، وتصبح الأقليات التي تعتبر نفسها خارج الإسلام، مدارس اجتهادية وفكرية استطاعت إعادة تفسير الإسلام بصيغة إنسانية لا تتعارض مع التيار المدني الحديث.
 
في الختام ما فهمته هو ان الأصولية السنية هي سبب كل المصائب والبلاوي التي حلت بالعرب والمسلمين ومنظرها الأول هو ابن تيمية الذي لا زال فكره يقتل الأبرياء بالهجمات الانتحارية ويمنع تقدم الأمة، اما الأقليات المظلومة فكانت رائدة للتنوير والحضارة وتحالفت مع الغازي حرصا على مصالح الأمة، اما أعلامها ورموزها فاتهمو ظلما وعدوانا بالخيانة والعمالة في الماضي والحاضر. والعجب العجاب.

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013



قد قال لي يوماً أبي
إن جئت يا ولدي المدينة كالغريب
وغدوت تلعق من ثراها البؤس
في الليل الكئيب
قد تشتهي فيها الصديق أو الحبيب
إن صرت يا ولدي غريباً في الزحام
أو صارت الدنيا امتهاناً .. في امتهان
أو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوان
إن ضاقت الدنيا عليك
فخذ همومك في يديك
واذهب إلى قبر الحسين
وهناك صلي ركعتين
أبتاهُ .. لا تحزن
فقد مضت السنين
ولم أصلِّ .. في الحسين
لو كنتَ يا أبتاهُ مثلي
لعرفتَ كيف يضيع منا كلُ شيء
بالرغم منا .. قد نضيع
من يمنح الغرباءَ دفئاً في الصقيع؟
من يجعل الغصنَ العقيمَ
يجيء يوماً .. بالربيع ؟
من ينقذ الإنسان من هذا .. القطيع ؟

الاثنين، 23 ديسمبر 2013


  • امير ” داعش ” من هو ؟؟؟
  • أبو بكر البغدادي، اسم ارتبط بالتنظيمات الإسلامية التكفيرية منذ ظهوره، فإبن مدينة سامراء العراقية، ولد بإسم إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري لعائلة متدينة تتبع العقيدة السلفية التكفيرية، ووالده الشيخ عواد من وجهاء عشيرة البوبدري العراقية التي تعود اصولها الى قريش، وأعمامه دعاة اسلاميون في العراق.
  • من هذا المناخ العائلي المتشدد خرج “ابو دعاء” كما يلقب، ليمر على العديد من التنظيمات الجهادية التكفيرية في العراق و يستقر اخيرا اميراً لدولة الإسلام في العراق و الشام.
  • إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري المولود عام 1971، يحظى بعدد كبير من الأسماء والألقاب، “علي البدري السامرائي”، ” أبو دعاء “، الدكتور إبراهيم، “الكرار”، واخيراً ” أبو بكر البغدادي”. هو خريج الجامعة الإسلامية في بغداد، درس فيها البكالوريوس، الماجستير والدكتوراه، وعمل أستاذاً ومعلماً وداعية، ضليع بالثقافة الإسلامية، العلم والفقة الشرعي، ولديه إطلاع واسع على العلوم التاريخية والأنساب الشريفة.
  • نشاطات البغدادي لم تقتصر على الجانب الدعوي والتربوي كما بدأ، بل انتقل في السنوات الـ8 الأخيرة الى الجانب «الجهادي» العسكري، حيث ظهر كقطب من اقطاب السلفية الجهادية وأبرز منظريها في محافظتي ديالى وسامراء العراقيتين، أولى نشاطاته بدأت من جامع الإمام أحمد بن حنبل، حيث اسس خلايا جهادية صغيرة في المنطقة، قامت بعدد من العمليات الإرهابية وشاركت في حروب الشوارع التي شهدها العراق في السنوات الماضية، انشأ بعدها اول تنظيم اسماه “جيش اهل السنة والجماعة” بالتعاون مع بعض رفاقه من الخط والنهج نفسه، ونشّط عملياته في بغداد، سامراء وديالى، ثم ما لبث ان انضم مع تنظيمه الى مجلس شورى المجاهدين حيث عمل على تشكيل وتنظيم الهيئات الشرعية في المجلس وشغل منصب عضو في مجلس الشورى حتى إعلان دولة العراق الإسلامية.
  • بتاريخ 16 أيار 2010، نصّب ابو دعاء اميرا للدولة الإسلامية في العراق، فبعد ان عمل على استخدام علاقاته الواسعة مع العشائر في سامراء وديالى لضم شباب العشائر الى التنظيم، وكسب تأييد زعماء العشائر ومبايعتهم لأمير الدولة الإسلامية في العراق السابق، حامد داود او “البغدادي الأول”، تولى ابو دعاء الخلافة بناء على وصية الأول بأن يكون خلفه.
  • منذ تولي ابو بكر البغدادي قيادة تنظيم دولة الإسلام في العراق، قام بتنفيذ عدد كبير من العمليات والهجمات الإرهابية التي حصدت ارواح عدد كبير من العراقيين، اشهرها كانت عملية مسجد أم القرى في بغداد التي أسفرت عن مقتل النائب العراقي خالد الفهداوي، وهجمات انتقامية لمقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق اسامة بن لادن، حيث شن عدة عمليات ارهابية في العراق ادت الى استشهاد العشرات من رجال الشرطة العراقية والمواطنين، وتبنى عبر الموقع الإلكتروني التابع لتنظيم القاعدة في العراق اكثر من 100 هجوم انتحاري انتقاما لمقتل بن لادن، تلاها عدة عمليات في العراق صنفت بالنوعية كعملية البنك المركزي، ووزارة العدل، واقتحام سجني أبو غريب والحوت.
  • بعد اندلاع الأزمة السورية، استفادت الفصائل الإسلامية المتشددة من حال الفوضى التي عمت البلاد، ونشأ اواخر العام 2011 ما يسمى بجبهة نصرة اهل الشام، والتي ظهر من خلال ممارساتها العسكرية والفكرية تبعيتها للنهج السائد لدى دولة الإسلام في العراق، وبتاريخ التاسع من نيسان عام 2013 ظهر تسجيل صوتي منسوب لابي بكر البغدادي يعلن فيه ان جبهة النصرة هي امتداد لدولة العراق الاسلامية داعيا الى الغاء اسمي جبهة النصرة ودولة العراق الاسلامية وجمهما تحت مسمى واحد وهو الدولة الاسلامية في العراق والشام او ما يختصر بكلمة “داعش”. تلاها بعد فترة قصيرة تسجيل صوتي لابي محمد الجولاني، امير ما يسمى بجبهة النصرة، يعلن فيه عن صحة علاقته مع دولة العراق الاسلامية لكنه نفى شخصيا او مجلس شورى الجبهة ان يكونوا على علم بهذا الاعلان فرفض فكرة الاندماج واعلن مبايعة تظيم القاعدة في افغانستان. بعد ذلك بشهرين امر زعيم تنظيم القاعدة في العالم ايمن الظواهري فك الاندماج الا ان البغدادي تابع نشاطه تحت مسمى دولة الإسلام في العراق والشام لتصبح واحدة من الجماعات الجهادية الرئيسية التي تقاتل ضدّ النظام في سوريا.
  • المعلومات اللوجستية حول هذا التنظيم الجديد غير محددة، لا عديدا ولا عتادا، الا انها تضم الآلاف من المقاتلين المتشددين بما فيهم عرب واجانب، حيث شكل كما النصر سابقا مركز استقطاب للجهاديين في العالم كله للقتال في سوريا. وصفت داعش بالأكثر تشددا من جبهة النصرة على الرغم من فظاعة ما اقترفته الأخيرة، الا ان احكام داعش وممارساتها صنفت بالأفظع بين جميع التنظيمات المنتشرة على الأراضي السورية، وبلغ التطرف المسيطر على هذا التنظيم، حد الدخول في مواجهة مع ما يوصف بي ابناء الخندق الواحد، فأعلن التنظيم حربا وقائية على ما وصفهم بالـ”منافقين” اي الجيش الحر، حيث يختلف معهم في العقيدة والأهداف، واستطاع ان يهزمهم في عدد من المناطق كحلب وإدلب وريفيهما، واستطاع في إعزاز ان ينهي وجود لواء كبير من الوية الجيش الحر، “عاصفة الشمال”، حيث خاض مواجهات عنيفة معهم وصلت حد تكفيرهم واستباحة دمائهم، ونفذت العديد من احكام الإعدام بحق قياديين في الجيش الحر في حلب وريف اللاذقية، دير الزور والرقة.
  • ١٠ ملايين دولار مقابل معلومات عن مكان البغدادي
  • خصصت الحكومة الأمريكية جائزة قيمة لمن يساعد في القبض على أبوبكر البغدادي، وجاء في إعلان على موقع مخصص لـ «المكافآت من أجل العدالة» تابع لوزارة الخارجية الأميركية، أن الوزارة تطلب معلومات لمكافحة الإرهاب الدولي، ومطلوب معلومات تدل إلى مكان وجود أبو دعاء (أبو بكر البغدادي) مقابل جائزة قيمة تصل إلى 10 ملايين دولار.
  • المصدر : حسين طليس

شاركها !

الأحد، 22 ديسمبر 2013

صدر يتحدث عن تقسيم العراق وميوله لإيران ويكشف عن "اقوى الرجال" وانتظار بارزاني في النجف
الكاتب: عن شفق نيوز
يأخذ معارضو زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عليه، انتقاله إلى الخطاب الهادئ، الداعي إلى التصالح والمشاركة، والانفتاح على الآخرين، بديلاً من صورة قائد الميليشيا التي رسمت له إعلامياً بعد عام 2003، ويشككون في هذه الانتقالة ودوافعها. لكن مؤيدي تطورات الصدر السياسية والفكرية التي تبلورت بعد عام 2008، يتهمون المعارضين، خصوصاً في الأوساط الشيعية، بأنهم يرفضون تمرد الصدر على تلك الصورة النمطية التي يراد حبسه فيها، ومنافستهم على المساحة السياسية التي يعملون فيها. الصدر الذي أكد في حوار مع "الحياة" تابعتها "شفق نيوز"، أنه لن يشارك تحت أي ظرف في أي حرب أهلية. ويشدد على رفضه التدخل في الشأن السوري. ويقول في شكل صريح إن قاسم سليماني هو الرجل الأقوى في العراق، يحاول أن يكرس منهجاً مختلفاً للزعيم الديني والسياسي، فهو يفتح على هامش الحوار معه أقواساً يتحدث فيها عن رؤيته لشكل العلاقة مع العرب كعنصر توازن ضروري في مستقبل العراق. وهنا نص الحوار مع مقتدى الصدر في منزله بحي الحنانة في النجف، والذي أجري بالتعاون مع صحيفة "المدى" البغدادية: > نبدأ من سؤال افتراضي... اتخذتم موقفاً معروفاً من حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وشاركتم في محاولة إقالتها صيف 2012. لو عاد الزمن بكم إلى الوراء، هل تتخذون قرار الذهاب إلى أربيل؟ - كأني بك تلوح بالندم على القرار، إذا كان هذا قصدك أقول: كلا، لست نادماً، بل ولا زال الأمر قائماً. فأنا قلت لهم في أربيل: إنكم إذا جمعتم (124) صوتاً فستكون كتلة الأحرار معكم فيكون مجموعكم: (164) وهو كافٍ في سحب الثقة من رئاسة الوزراء. > لكنك لم تقم بزيارة إقليم كوردستان بعد هذا التاريخ؟ - كلا، لن أذهب فأنا وكأي فرد من أفراد الحوزة، بل والمجتمع العراقي عموماً أقول: لا بد على أخي العزيز مسعود بارزاني من رد الزيارة... وأنا بانتظاره في النجف الأشرف، وسواء أتى أم لم يأتِ، سيبقى صديقاً وشريكاً ليس في السياسة فقط، بل في جميع الأمور وسيبقى التواصل قائماً بيننا مهما حدث... فلقد وجدته قائداً ثائراً وسيبقى كذلك إن شاء الله. > كتبتم عن توصيف تلك المرحلة أن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني شارك، إضافة إلى السيد المالكي، في الضغط عليكم لمنعكم من الذهاب إلى أربيل. هل كان هذا الضغط هو سبب مغادرتكم مدينة قم الإيرانية وتوجهكم إلى بيروت والنجف؟ - لا، لم يكن هذا السبب على الإطلاق، لا من قريب ولا من بعيد... فأنا لست ممن يحدد ويعلق الصداقة وطيب العلاقة على القرارات السياسية واختلاف وجهات النظر الثانوية على الإطلاق، بل وإن اختلفت معهم في بعض الأمور الجوهرية، إلا أنني أحبذ أن أحافظ على علاقات طيبة مع الجميع قدر الإمكان إلا دول الاحتلال. > لديكم تقويم خاص لشخصية قاسم سليماني الذي يوصف غربياً بأنه الرجل الإيراني القوي في العراق؟ - نعم، كان الرجل الأقوى في العراق وفق ما أفادت به بعض البيانات والاستطلاعات والله العالم... لكن النقطة أو الصفة الأهم في شخصيته هو أنه صاحب مبدأ بالنسبة إلى قضيته وجمهوريته وحكومته ومذهبه، وقد أفنى نفسه من أجلهم... وأنا قلتها سابقاً وسأكررها: إن حصلنا على عراقيين بهذه الروح لاستطعنا بناء العراق كما هم استطاعوا بناء إيران سياسياً وحكومياً. > كيف تتوقع الخريطة السياسية التي ستظهر بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في ضوء نتائج انتخابات المحافظات الأخيرة. هل تعتقد أن متغيرات عميقة يمكن أن تجري على تلك الخريطة؟ - لدي أجوبة عدة على هذا السؤال، الأول إن الإخوة في «دولة القانون» لم يتوقعوا هبوط شعبيتهم قبل انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت قبل أشهر. لذا، فإن النتائج جاءت مباغتة ومن دون توقع منهم، أما الآن فهم يتوقعون ذلك وسيسعون جاهدين وبكل ما أوتوا من قوة لكي يرجعوا المياه إلى مجاريها. العامل الثاني أن الحزب الحاكم عادة وليس في العراق حصراً - ولا أعني دولة القانون - ولا دولة رئيس الوزراء فحسب، يجيرون كل الإمكانات الحكومية كدعاية انتخابية لهم، مثل: تشكيل أفواج الجيش والشرطة وكذلك توزيع الأراضي وحضور افتتاح مشاريع لم يروها من قبل، بل قام بها غيرهم ومنع الوزراء من حضورها وافتتاحها على رغم أنها أحد منجزاتهم، بل وتصرف الحزب والضغط على القضاء العراقي الذي بات يبرئ ويميع الدعاوى المضادة للحزب الحاكم ويفعل ما كان لمصلحته وضد معارضيه. ثالثاً، إن الشعب العراقي له صفة معلومة وهي ميله إلى الحزب الحاكم إلا في ما ندر. لذا، يمكن القول إنه سيكون المسيطر في الانتخابات المقبلة، إلا إذا اجتمعت الأحزاب الأخرى ومن دون تهميش حتى للحزب الحاكم السابق - إن جاز التعبير. ورابعاً، سيطرة الحزب الحاكم على المفوضية من خلال تبديل وإزاحة بعض أعضاء المفوضية غير المرغوب بهم عند ذلك الحزب سيكون مؤثراً... العامل الخامس أن تغيير قانون الانتخابات سيكون كفيلاً بإيصال ذلك الحزب، لا سيما مع تغيير السياسة. وأخيراً، إن الدعم الخارجي والأوضاع الخارجية تفيء بظلالها على العراق وعلى الحزب الحاكم والله العالم. > هل هذا يعني أنك لا ترى فرصة للتيار الصدري متحالفاً مع أطراف سنّية وكوردية ومدنية لتشكيل الحكومة؟ - التحالفات على نوعين: الأول: تحالف ما قبل الانتخابات وهو صعب التحقق حالياً لما يمر به العراق من ظرف طائفي يتحتم التراجع الشعبي في حال التحالف السنّي - الشيعي أو العربي والكوردي من جميع الأطراف. والثاني: تحالفات ما بعد الانتخابات وهي غالباً مبنية على توافقات خلف الكواليس، قد تصل الأمور فيها إلى بيع الثوابت من أجل الكرسي، ونحن غير مستعدين لذلك، فضلاً على أننا لا نملك مجريات الحكم حتى نكون أصحاب قرار من هذه الناحية. > كان لديكم تقويم مختلف لشكاوى المناطق السنّية، هل تعتقد أن هناك مظالم حقيقية لدى سنّة العراق؟ ومن تسبب بهذه المظالم؟ - من تسبب بهذه المظالم، أطراف عدة، منها، الاحتلال من خلال بث الفرقة الطائفية، وأيضاً الحكومة العراقية، لأنها العنصر الفاعل في القرار. كذلك الخريطة السياسية التي جعلت من الحكومة ذات تقسيم طائفي، والوضع الخارجي وتفاقم الطائفية في الشرق الأوسط، بل العالم أجمع، ومن الأسباب أيضاً ذوبان الروح الوطنية والأبوية عند الجميع لا الحكومة فحسب، بل حتى السياسيين والأحزاب والمؤسسات العامة وغيرها. مع هذا، فإن السنّة أنفسهم شاركوا في التسبب بظلم السنّة، بسبب انتشار التشدد العقائدي، وترك زمام الأمور أحياناً إلى تنظيم «القاعدة»، وخوف السنّة وانكماشهم من التنظيمات الإرهابية، وميول بعضهم إلى «القاعدة» وحزب الهدام (حزب البعث) وعدم تعاونهم مع الأصوات الوحدوية ودعاة الوطنية... على سبيل المثل كم من مرة صلينا خلفهم ولكنهم لم يعلنوا وقد طلبنا ومنهم وهم يرفضون. > كيف يمكن معالجة مثل هذه المظالم اليوم، هل هناك مواطنون من الدرجة الثانية في العراق؟ - شخصياً أرى أن هناك طرقاً عدة لحل الأزمة مع إخواننا منها زيارة رئيس الوزراء (نوري المالكي) مناطق التظاهر الغربي والشمالي، وتشكيل لجان إسلامية مشتركة من أجل وضع بعض الحلول الستراتيجية لا الآنية، وإصدار بيان مشترك لشجب جميع أنواع الإرهاب والمليشيات الحكومية، والتثقيف لنزع الخوف من قلوب سنّة العراق من الذين هيمنوا على غالبية مناطقهم وأعني - تنظيم «القاعدة» وأمثاله. في الوقت نفسه أرى أن المسؤولية تقع على الجميع، وتتصدر الشخصيات العلمائية والحكومية المسؤولية، وبالنسبة لي لا أسمح بأن يكون هناك مواطنون من الدرجة الثانية والأولى... فالكل كأسنان المشط ولا أفضلية إلا بالتقوى والوطنية. > هل ترون أن مستقبل العراق يتجه إلى قسمة الطوائف أو المكونات، أم إلى دولة المواطنة؟ - وفق المعطيات الحالية، فالعراق متجه إلى التقسيم الطائفي سياسياً واجتماعياً وعقائدياً. > لكن، هناك تداول واسع في النجف لتبني مفهوم «الدولة المدنية»، كيف تعرفون مثل هذه الدولة ودور الدين فيها؟ - الدولة المدنية أو دولة المواطنة الحقيقية هي التي تعطي للجميع هوية واحدة بصرف النظر عن الدين والمذهب والعرق والطائفة، إلا أن المختلف فيه هو أن ذلك لا يكون إلا بمسلك العلمانية ونزع الدين عن السياسة، وأنا أقول: إن هذا لا يمكن تطبيقه، إلا من خلال أسلمة المجتمع وتثقيفه على الأسس والنظم الإسلامية الحقيقية وروح العدل والمساواة ومن خلال التسامح والأخوة الحقيقية ونزع حب الدنيا والتسلط الأبوي والحاكم المتفسخ الذي لا يهتم إلا بجمع المال والحفاظ على الكرسي أياً كان. > لماذا مثلاً شكلتم كتلة سياسية باسم «الأحرار» وليس باسم التيار الصدري، ومنعتم مشاركة رجال الدين ومن يرتدون الزي الديني فيها؟ - تسميتها كتلة الأحرار لها منطلقان: الأول: عقائدي... التحرر من الشيطان وسجن الدنيا والتحرر من الظالمين، والثاني: وطني، بمعنى التحرر من المحتل وأذنابه. أما منعنا رجال الدين فلأجل الحفاظ على سمعتهم وعدم تشويهها في الخوض بأمور ستكون مبعدة لها عن محبيهم وعن القواعد الشعبية ولبقائهم مشرفين ومرشدين وناصحين لما يقع من أخطاء حكومية وما شابه. > اعترفتم في وقت سابق بأن الضغوط السياسية الخارجية هي التي دفعتكم إلى قرار تأييد صفقة تشكيل الحكومة الحالية عام 2010، هل ما زالت تلك الضغوط متواصلة، وهل سنراها في مفاوضات تشكيل حكومة 2014؟ - لم أقل ذلك، قلت إن هناك ضغوطات ولم أقل إن لها تأثيراً في قرار تشكيل الحكومة وفي ذلك فرق كبير... فلست ممن يخضع بسهولة، خصوصاً أن تشكيل الحكومة الحالية كان له مقومات كثيرة غير التيار الصدري كتأييد القائمة العراقية وتأييد الكورد لها ولست أنا فحسب، نعم كانت كتلة الأحرار هي بيضة القبان كما يعبرون، إلا أنها آخر من وافق وهذا واضح لكل متتبع. كان همي أن لا يبقى الشعب بلا حكومة ظناً مني أنها ستقوم بواجباتها أمام شعبها... ولكن! > بماذا تردون على من يتهم التيار الصدري بإرسال مقاتلين إلى جانب نظام الأسد؟ - الأزمة السورية عبارة عن تصفية خلافات بطرق دموية، لا أخلاقية من جميع الأطراف سواء المعارضة المتشددة أم غيرها، والمتضرر الوحيد هو الشعب السوري الذي يعيش في خوف ونقص الأمن والأمان والطعام والغذاء وكل متطلبات الحياة... أنادي كل ضمير حي لإنقاذ سورية، وأنا مستعد لكل شيء من أجل إيقاف نزيف الدم الجاري فيها. وموقفي الرسمي الحقيقي بصرف النظر عن كل ألسنة الكذب هو: أن ما يحدث في سورية أمر داخلي لا يحق لأحد التدخل فيه، فهو شعب يريد تقرير مصيره فما دخلي أنا وما دخل السياسة فيها، اتركوا سورية لسورية، وكفاكم صراعاً. > لكن تياركم رفع في إحدى احتفالاته علم الجيش السوري الحر. هل لديكم استعداد لفتح أبواب الحوار مع الجيش الحر والائتلاف السوري المعارض من دون «جبهة النصرة» و «القاعدة»؟ - لا، ليس لي أي نية لفتح حوار معهم، فالأمر لا يخصني فقد قلت إنه شأن داخلي محض، أما إذا أردت التكلم عن الواعز والمنطلق الديني والإسلامي والعقائدي، فأنا على استعداد تام للدخول كطرف وسيط بين الحكومة السورية وبين المعارضة السياسية غير المسلحة، أما المسلحة فهي أكيد ترفض أي حوار، لا سيما من شخص مثلي... والله العالم. > كيف تقرأ موقف «حزب الله» اللبناني من الأزمة في سورية وهل حصل حوار شيعي - شيعي في شأن هذا الموضوع؟ - لهم سياستهم الخاصة ولي سياستي الخاصة، ولم يكن هناك حوار في ما يخص سورية، ولماذا يكون كل الحوار منصباً على سورية؟، نعم، هي الملف الأخطر لكنه ليس الوحيد فالملف العراقي من جهة والملف البحريني من جهة وملفات أخرى إسلامية وسياسية كثيرة. > كيف ترى علاقات العراق الإقليمية، خصوصاً مع تركيا ومنظومة الدول العربية هل هي علاقات صحية؟ - العلاقات العراقية العربية متذبذبة يغلب عليها الطابع السياسي من دون العقائدي والقومي والعرقي... لا سيما مع دول الجوار، ويميل فيها العراق إلى الجانب الإيراني أكثر من غيره... ووفق فهمي، فإن العلاقات العربية - العراقية يختلف منظارها فهم ينظرون إلى العراق وحكومته كفئة طائفية يصعب التعامل معها، لا سيما أن القرار فيها موزع على الأحزاب ويمكن وصفها بأنها ليست صاحبة القرار الحقيقي بل هناك قرار إقليمي - غربي - شرقي. > لو تسنى لكم رسم شكل معين لسياسة العراق الخارجية كيف تقترح شكل العلاقة؟ - أنا اقترح أولاً: وضع ميثاق إقليمي مع العراق يكون مبنياً على المصالح العامة المشتركة من دون التدخل في الشؤون الداخلية، ثانياً: عقد اجتماعات دورية لأجل وضع حلول ناجعة لما يدور من مشاكل في الشرق الأوسط. وأيضاً أن تبتعد العلاقات عن العنصر الطائفي فهو سهم قاتل، وأن تكون العلاقات محصورة بالدول غير المحتلة العراق، إلا من باب الحصول على التعويضات وبعض المصالح الأخرى. > لماذا لم تبادروا إلى زيارات لدول عربية؟ - أنا على استعداد لتلبية أي دعوة من الدول العربية ودول الجوار، بل طلبت من بعض الدول ذلك ولم يكن منهم رد. > إذا كان العرب مرتابين من شيعة العراق أحياناً، أفليس مناسباً أن يبادر شخص مثلكم، إلى فتح حوار دائم مع الدول الإقليمية يكون في مصلحة شعوب المنطقة ويخفف أزماتها ويقلل من الانقسامات؟ - حاولت فلم أجد أذناً صاغية لأسباب عدة، منها: أولاً: لعلي طرف غير مرضى عنه عند الطرفين، فإني إن دافعت عن مقدساتي والمراقد الشيعية كما في سامراء بت شيعياً طائفياً يميل إلى الشيعة، وإن دافعت عن المتظاهرين في الأنبار وانتخاباتهم أو طلبت سحب ثقة من حاكم شيعي بت عدواً للشيعة وتعاطف معي السنّة قلبياً فقط. فالاستحواذ، إن جاز التعبير، على القلبين الشيعي والسنّي أمر شبه مستحيل. ثانياً: إن مقتدى الصدر وقع عليه قرار دولي إنه يجب أن يكون مغموراً في العراق ودولياً، عراقياً من خلال إفشاله في الانتخابات، ودولياً من خلال إقصائه عن القضايا الدولية والإسلامية. وثالثاً: إن ما يحدث من خلاف بين زعماء الشيعة ومعتدلي زعماء العرب، إنما هو أمر سياسي، ومقتدى الصدر لا تعني له السياسة شيئاً، بل إنني إنما أريد التدخل لأجل المصلحة العامة، ومن أجل وحدة الصف الإسلامي والإنساني فقط، من دون النظر إلى المغانم السياسية أو ما يحدث خلف الكواليس من صراعات سياسية وحكومية. > فرح الكثيرون بالتقارب بينكم وبين الشيخ عبدالملك السعدي، ووجدوه إشارة إلى أن رجال الدين يمكن أن يدعموا مبدأ التقارب لمصلحة الجميع لكنكم لم تلتقيا مع بعض؟ - وجهت له الرسائل وشكرته تحريرياً في أكثر من مورد، فهل وجه لنا رسالة أو شكرنا لموقف؟ أردت اللقاء به في العراق، لكن يصعب علي الذهاب إلى الأنبار ويصعب عليه المجيء إلى النجف، وحينها ذهبت إلى بغداد وصليت في مسجد الكيلاني، فتصورت أنه سيأتي إلى بغداد لألتقيه، لكنه مرض، نسأل الله أن يمن عليه بالصحة والعافية. > لكنه يعيش في الأردن؟ - حاولت الذهاب إلى الأردن، ولكن لم أسمع جواباً إلى الآن، وما كان الهدف من الزيارة إلا اللقاء به. وأظنه بات غير مرضي من بعض المتشددين السنّة فتقلص دوره الشعبي، فإنهم لا يريدون للاعتدال علواً. > متى نرى علاقات طبيعية بين الصدر وأميركا والاتحاد الأوروبي مثلاً؟ - كنت أنوي زيارة دول الاتحاد الأوروبي، إلا أني أصطدم بأكثر من عائق، أولها أنهم لم يعطوا الموافقة على الزيارة، وأيضاً لوجود العضو المحتل العراق (بريطانيا) وهذا ما يجعلني قلقاً من العلاقة معهم... فشعبي قد عانى منهم. أما العلاقة مع الحكومة الأميركية، فحالياً هذا مستحيل، ما لم تقدم أميركا الاعتذار للشعب العراقي عن احتلالها إياه بعد أن تنسحب كلياً وتعوض الأضرار كافة. أما العلاقة مع الشعب الأميركي، فلا أظن أن جميع الشعب مع احتلال حكومتهم العراق، بل الكثير منهم رفض ذلك ولا زال يرفض السياسات الاحتلالية، فلا مانع من توطيد العلاقات الشعبية الأميركية معنا... إلا أن هذا سيصطدم بمانع وهو أن الحكومة الأميركية ستمنع ذلك. > لكن البعض يقول إنه لو جاء رئيس حكومة من التيار الصدري، فإن شركات النفط قد يصيبها القلق من مواقفكم المتشددة. كيف تنظرون إلى الشراكات التجارية والاقتصادية للعراق مع الغرب؟ - وجودها أمر ضروري، لكسب الخبرات ولجودة العمل، لكن بشروط أبرزها عدم تدخلهم بالشأن العراقي. وألا تكون دولة محتلة العراق حالياً، ولو رمزياً. وأن تكون من خلال المناقصات النافعة للشعب لا من باب النفع السياسي والحكومية، وإبعادها عن شيطان الفساد المالي والإداري العراقي، وأن يكون استثمارها في المناطق الفقيرة لا المناطق الغنية، وأن تركز في البداية على البنى التحتية لا البناء على أسس واهية قد تؤول للسقوط عاجلاً لا آجلاً. > هناك فضائيات ومنابر سنّية وأخرى شيعية تثير انقساماً حول خلافات تاريخية قديمة، ألا يمكن المرجعيات المعتدلة أن تتخذ موقفاً؟ - إن المرجعيات الشيعية رافضة وجود هذه المنابر، وأنا سمعت ذلك من بعضهم، إلا أن أمر تلك القنوات ليس بأيديهم، لا سيما أن غالبيتها ليست عراقية، وقرار إغلاقها إما بيد الحكومة أو شخصيات سنّية أو شيعية طائفية تبث من خارج العراق... وأنا من خلال منبركم هذا أدعو الحكومات وتلك الشخصيات إن كانت تعي، إلى أن تغلق تلك القنوات فوراً. > هل يخشى مقتدى الصدر من حرب أهلية في العراق، وأين ستكون منها؟ - المخاوف موجودة، لا سيما في مثل هذه الظروف الطائفية المقيتة، إلا أنني لن أكون طرفاً في هذه الحرب وإن كان ممن ينتمي لي مشتركاً فيها، فأنا بريء من كل المشتكرين. ومن ثم إن الوضع السياسي وإيصال الحكومة الأبوية له المدخلية الأساسية في إلغاء هذه الحرب أو ثبوتها مع وصول الحكومة الديكتاتورية الطائفية لا محالة؟ > اتفاق اربيل ٢٠١٠ تضمن بنوداً لإصلاح القضاء والجيش والتشديد على استقلال السلطات والهيئات المستقلة واحترام البرلمان. هل سنكون أمام لحظة تعيد خطة الإصلاح تلك؟ - لا استقلالية حالياً، فجميع السلطات: القضائية ومفوضية الانتخابات والهيئات المستقلة والجيش والشرطة والوزارات وغيرها عموماً، باتت بيد واحدة لا غير... فأين ديموقراطية الغرب الخادعة الكاذبة؟ > دورة برلمان ٢٠١٠ شهدت تقديمكم دماء جديدة في كتلة الأحرار. هل كانت تجربة تشجعكم على تقديم المزيد من الوجوه الجديدة كنواب وكوزراء؟ - النواب صعب، حيث إن غالبية الشخصيات والدماء الجديدة لا أصوات لها، فدخولهم معنا يعني التردي الانتخابي... وعذراً، لكن وجودهم كمختصين ووزراء فهذا أمر أدعو إليه بشرط الحفاظ على ثوابتنا الوطنية وعدم الخروج عن مركزيتنا في تحديد المصالح العامة لا التدخل في شؤون الحكومة وما شابه. المختصون في كتلة الأحرار بصدد دراسة كيفية الجمع بين كسب الأصوات وبين إلحاق تلك الشخصيات المهمة، ولا يـفـوتني أني من دعاة إدخال الأقليات داخل كتلة الأحرار، لا سيما أصحاب الحس الوطني منهم، لأجل عدم تهميش الأقليات كما حدث سابقاً.

الخميس، 28 نوفمبر 2013


منقول من صفحة الدكتورة رجاء الشاوي
شكرا للسيد اياد الزاملي لأنه لو كتب احد من الطائفة الاخرى هذا الكلام لقالو ناصبي .. الظالم والمظلوم ..مقارنه لابد منها
*****************************************************
نحن أبناء الطائفة الحاكمة الممسكة بالسلطة والمال الآن، علينا نكون صرحاء ونعترف أمام أنفسنا والتاريخ، دون خوف أو رهبة أو وجل، ونقارن بجرأة بعيدا عن اتهامنا بالارتداد، أو الإملاء بين عهد حكم الظالم، وعهد حكم المظلوم، نحن اضطررننا إلى المقارنة التي ستستفز البعض، وربما الأكثر لأنهم يرونها مقارنة ظالمة مجحفة، لكنها في الحقيقة مقارنة واقعية..
كما أسلفنا، علينا التحلي بالشجاعة، ونقيم أداءنا نحن أبناء هذه الطائفة التي حكمت البلاد على مدى عشرة أعوام، والتي كان يحركها مشاعر الحقد والانتقام من تاريخ موغل في القدم، ومن إتباع هذا التاريخ حتى أدى ذلك إلى شروخ وجروح غائرة في نفوس أبناء الشعب الواحد، من الصعب التئامها دون إجراء هذه المصارحة بيننا، نحن أبناء هذه الطائفة...
علينا الاعتراف إننا فشلنا فشلا ذريعا في إدارة وتنمية البلاد لأننا كنا طلاب سلطة وانتقام، وتركنا غريزة الحقد والكراهية هي التي تتحكم بنا، وبأسلوب إدارتنا للدولة، حتى أدى ذلك إلى تراجع شعورنا وانتمائنا الوطني...! ومظلوميتنا المدعاة كانت حائلا وحاجزا نفسيا منعنا من التواصل مع أبناء وطننا الذين شاركونا العيش على هذه الأرض منذ آلاف السنين.
التاسع من نيسان عام 2003 كان تاريخا فارقا، ومازال لنا نحن أبناء هذه الطائفة الحاكمة، فقد قدم لنا الأمريكان الدولة العراقية على طبق من ذهب، وقالوا لنا تعالوا امسكوا بها بعد أن أزالوا كل تاريخ ومخلفات وما شيدته الدولة العراقية السابقة، فتسارعنا إلى هذا الطبق كالنمل الذي يتصارع على بقعة من العسل...! ولأننا ظُلمنا كما ندعي على مدى 1400 عام فنحن أولى من الآخرين ببقعة العسل هذه، دون إدراك منا إننا لن نهنأ بها أبدا، وسندفع يوما ثمن تدافعنا عليها...
ولأننا أكثرية حسب مقاسات الطائفة، وليس بقياسات الوطن، والأشد من وقع عليه الظلم - كما ندعي - فنحن الأحق بإدارة الدولة، وحكم البلاد، ولأن الحقد يحركنا والكراهية تدفعنا إلى التمسك بالسلطة، والتدافع عليها بحجة (الديمقراطية)، كانت لنا أول سُنة سيئة في وضع أسس الدولة الجديدة، وهي المحاصصة، ليست هذه أول جريمة نقترفها بحق الوطن فحسب، بل هناك جريمة أخرى اشد وأقسى عندما دفعتنا غريزة الانتقام إلى اجتثاث الملايين من أبناء الوطن من إدارة مؤسسات الدولة، وقطع أعناقها (اقصد أرزاقها) بحجة أنهم من أتباع الظالم، ونسى المظلوم انه بذلك قد وضع قدمه على أول درجة من سُلم الظالم... وتوالت جرائمنا بحق الوطن، وبدأنا نفكك الدولة بحجة التوازن، حتى وصلت قيادة مؤسساتها إلى الرعاة تقودها وتديرها.. فأصبح التزوير، والفساد، وتبديد ثروات البلاد، وسرقة المال العام، وتدمير مؤسسات الدولة التعليمية، والخدمية، والإنتاجية، عناوين صارخة لهذه الإدارة الفاشلة، تدفعنا إليها غريزة الانتقام من الظالم، وإذا بنا ننتقم من أنفسنا ومن الوطن... الظالم مهما نعتناه فهو ظالم، إلا أننا كنا نقرأ في صحف ذاك الزمان، ونتذكر ما حققه، وما أنجزه، وما شيده ذاك الظالم في ميزانية هي الربع من ميزانية حكم المظلوم، هذا يعني إن الظالم ذاك لم يكُ فاسدا قط، لكننا على يقين تام إن المظلوم أصبح فاسدا، ومنتقما، وكارها لوطنه، لأن ليس حريصا على بنائه وتشييده...
نذكر إن عهد ذاك الظالم كانت سجونه مليئة بالمظلومين، إلا أن شوارعه كانت زاهية، سالمة، سعيدة، نظيفة.. أما عهد المظلوم، فسجونه مليئة بالمظلومين أيضا، لكن شوارعه حزينة، مظلمة، يسكنها الموت... نذكر في عهد ذاك الظالم، كيف كانت نساؤنا جميلة وحبيباتنا سعيدة، نلتقيها وقتما نريد ونشاء.. أما في عهد المظلوم، نساؤنا بائسة الوجوه، تعيسة، يغطيها السواد من قمة رأسها إلى أخمص قدميها... نذكر في عهد ذاك الظالم مهرجاناته، واحتفالاته الكثيرة، ليست تلك التي كانت تمجد باسمه بل تلك التي كانت بغداد تزهو بها في خريف وشتاء وربيع من كل عام.. أما في عهد المظلوم، فلن نجد غير احتفالات الحزن واللطم والبكاء، وسفك الدماء على واقعة لا تعنينا، لكن المظلوم أرادها أن تكون احتفاله اليومي.. يفرضه علينا... الظالم كان يخشى أعداء الخارج، فشيد لنا وطنا قويا مهابا لن يستطع احد اختراقه.. أما المظلوم ترتعـد فرائصه من أعداء الداخل، فراح يبحث عن حماة له من الخارج، حتى أصبحنا وطنا مستباحا لا هيبة ولا سيادة له... المقارنة تطول.. لكننا هنا، هل ظلمنا الظالم.. أم ظلمنا المظلوم...!؟.. ولأن الظالم رحل إلى غير رجعة، ولن يعنينا أمره، وكي لا يستمر المظلوم في بكائه الكاذب، وتدمير البلاد، علينا أن نقف نحن أبناء الطائفة الحاكمة، ونعترف أننا فشلنا، وإن المظلوم لم يكُن أهلا للحكم، بل لفسد الحكم.. والبحث عن أسوياء لا تحركهم عقد الكراهية، والحقد والانتقام في حكم البلاد، هذا إن أردنا لوطننا النهوض من كبوته...
اياد الزاملي

الخميس 10 تشرين الأول، 2013

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013


خالد القشطيني

  • لا أدري ما الذي أعطى العراقيين هذه الروح المتطرفة. هل التربة 


  • الغرينية؟ هل النفط الذي تسبح فيه؟ هل مياه دجلة والفرات؟ هل
  •  

  • التفاوت الشديد في الحرارة بين الصيف والشتاء.. الليل والنهار؟
  •  

  • فلهذا التطرف جذور قديمة
  • .

  • سمعنا أنه عندما بنى عبد الملك بن مروان المسجد الأموي، جاء بعمال سخرة للعمل فيه. أمرهم بأن ينقل كل 
  • منهم قطعة حجر للبناء. لاحظ أن واحدا منهم يقوم بنقل حجرين اثنين. تعجب من أمره فاستوقفه وسأله: من أي بلد أنت؟ قال أنا من العراق. قال: يا سبحان الله! أنتم يا أهل العراق تتطرفون حتى في عمل السخرة!
  • شكّل اليهود الجناح اليساري المتطرف في أيام العهد الملكي. أصبح الكثير منهم شيوعيين وماركسيين، تولى اثنان منهم قيادة الحزب الشيوعي، ودفعا الثمن بحياتهما. يهودا وساسون دلال. آل دلال من العوائل الغنية. لاحظ شرطي أن ساسون وهو في طريقه إلى المشنقة كان يلبس حذاء إسفنجيا غاليا. قال له: تدّعي بالشيوعية ولابس قندرة إسفنج؟! أجابه: ليش؟ هي الشيوعية بالقندرة أو بالراس؟
  • أعدموه، ورحلت أسرته مع بقية اليهود إلى إسرائيل. أصبح الأمر بيدهم هناك، فإذا بهم ينقلبون من التطرف اليساري إلى التطرف اليميني. إنهم يشكلون الآن عمدة حزب الليكود. حتى ذلك الماركسي القديم، ساسون صوميخ، وقف يدافع عن مجزرة غزة ويبررها.
  • كذا هو الأمر مع شيعة العراق، كانوا في أيام الخير يشكلون مع اليهود والكرد لحمة العمل اليساري. منهم تحدر جعفر الشبيبي ومحمد صالح بحر العلوم وجعفر أبو التمن والجواهري الذي كان يقسم بالثورة الحمراء والثوار (الثورة البلشفية). وتولى حسين الشبيبي سكرتارية الحزب الشيوعي وشنقوه.
  • آل الأمر إلى أيديهم اليوم، وإذا بكل ذلك التطرف اليساري ينقلب إلى تطرف يميني. أصبحت الفتاوى الدينية مصدر السلطات، يستشيرها أولو الأمر في الصغيرة والكبيرة. ترى على شاشات التلفزيون كل أولئك اللبراليين والماركسيين والوجوديين والملحدين يرفعون أذرعهم عاليا ويلطمون على صدورهم بحرقة وحماس. حتى سمعت أن أحد قادة الحزب الشيوعي ذهب إلى حج بيت الله الحرام. أين ذهبت كلمات كارل ماركس عن أفيون الشعوب؟
  • هنا في لندن، ذهبت لحضور حفلة للترحيب بفريق كرة القدم الفائز ببطولة آسيا. ذهبنا لنفرح بهم، وما أقل ما يفرحنا في العراق اليوم أي شيء. وقف اللاعبون على المنصة وأخذ الميكروفون أحد الشعراء وانطلق ينشد بكائية عن شهداء آل البيت.
  • دعاني أحد الأصدقاء لوليمة عشاء في بيته. عرفته في القديم يساريا متطرفا غارقا في الديالكتيكية والبروليتارية والداروينية. تناولنا العشاء وأكلنا التمن والسبزي وشربنا اللبن الشنينة. وإذا بأحد الحاضرين، أساتذة وأطباء وأكاديميين، يقف بيننا ويبدأ بصوت رخيم يرتل التعازي والمقاتل. لم تمضِ غير دقائق قليلة حتى وجدت سائر الحاضرين يطأطئون رؤوسهم ويدفنون وجوههم في أيديهم ويبدأون في البكاء. ولم تمر دقيقة أخرى حتى تدفقت الدموع من عيني، أنا أيضا، ورحت أشاركهم في البكاء.
  • بكيت وبكيت... بكيت على العراق




Mazen Bandoleros حسب ما وردتني واقسم علي بأغلظ الايمان ان ارسلها للمشتركين على الفيسبوك ف عذرا لمن لا تعجبه
مقالة بعنوان..ليش العراقيين مؤمنين بالقضيه ( الطيزيه) ايمان قوي
مثلاً: اذا واحد ما عجبنا تصرفه نقول:خوش طيز
اذا سألونا عن حاجة مفقودة وين صارت؟ نقول: بطيزي
اذا تعبنا نقول: طيزي أنشك
واذا انقهرنا من واحد نقول: شك طيزي
ايضا اذا طالب كسلان ومامتوقعين ينجح نقول له: من طيزي راح تنجح
اذا الواحد يحب واحده وخربت علاقتهم نقول: صاحبته طيّزته
اذا واحد دايما يتاخر عن مواعيده نقول:مواعيده مثل طيزي
اذا ردنا نقول انه اثنين كلش اصدقاء "طيزين بفد لباس"
اذا شعرت انه اكو واحد لابسك ، اكيد رح تسأله: اشو مطيزني هالايام
اذا اكو طفل بريء يلعب ويتوكح، فيقال عنه: بطيزه دودة
وكذلك نطلق على المفلس " من طيزك نوفي الديانة"
اذا جاء شخص متاخر يقال له: هلا بطيزهلا
اذا تنصب على شخص تكله اتبدل وجهك أبطيزي
اذا لاحظ سياره قريبه من سيارته ايكول : لازك ابطيزي
الخلاصة: شعب مثله الاعلى الطيز؟؟؟؟؟؟؟؟ شتتوق ع منه؟ لعد من طيزي هذا العراق يصير برأسه خير


الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

مأساة الحلاج
وعشقه الذي افنى حياته

فوجئ المحتشدون فى ساحة الإعدام بالحلاج يمسح وجهه فى الدماء التى سالت من يديه وقدميه بعد قطعهما، وسأله أحدهم: ماذا تفعل؟ فأجاب: أتوضأ، فسأله: أى وضوء هذا؟ فأجاب: ركعتان فى العشق لا يصح وضوءهما إلا بالدم.كان الحلاج يتحدث عن عشق الله والفناء فيه «فالتوحيد الحق إنما هو توحيد الذات بالله، وكل ما هو دون ذلك إن هو إلا تعلق بالوهم الخادع».


بدأت مأساة أبوالمغيث الحسين بن منصور المولود فى 858 ميلادية، قبل إعدامه بعشرين عاما، حين كان يمشى فى سوق بغداد صارخا فى الناس:

يا أهل الإسلام أغيثونى، فليس يتركنى ونفسى فآنس بها، وليس يأخذنى من نفسى فأستريح منها، وهذا دلال لا أطيقه. كان الحلاج يتحدث عن الله الذى يتجلى له فى لحظات الوجد الصوفى فيفنى فيه، حتى ليصيرا شيئا واحدا، يقول:


أنا من أهوى ومن أهوى أنا

نحن روحان حللنا بدنا

فإذا أبصرتنى أبصرته

وإذا أبصرته أبصرتنا

ويقول:

عجبت منك ومنى يا منية المتمنى

أدنيتنى منك حتى ظننت أنك أنى

وغبت فى الوجد حتى أفنيتنى بك عنى

لم تعجب أقواله فقهاء عصره، ولم ينقذه من الإعدام حينها سوى القاضى ابن سريج، الذى كان على دراية بالمتصوفة وأحوالهم، وكان يعلم أن ما يتفوه به المتصوف فى هذه اللحظات لا سلطان له عليه، فلم يتهم الحلاج بالكفر حتى حين قال وسط الناس: «أنا الحق»، فقد كان يعلم أن هذه حالة عرفانية استثنائية، تعرف لدى المتصوفة بالوعى الإلهى، ورد على منتقديه بالحديث القدسى «مايزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به، ورجله التى يمشى بها، ويده التى يبطش بها، ولئن سألنى لأعطينه، ولإن استغاثنى لأغيثنه».

غير أن التصوف عند الحلاج لم يكن عبادات وزهد فحسب، كان جهادا ضد النفس، وجهادا ضد الظلم والطغيان، ولذا كان على صلة بجماعات الزنج والقرامطة، وهى من الحركات الثورية فى زمنه، وأشياعها من المستضعفين المحرومين، كما عرف عنه تأثره بالمتصوفة الهنود، الذين أخذ عنهم فن اليوجا، وهى تدريبات قاسية على جهاد النفس والتأمل، لبلوغ الدرجات العليا من العرفان، التى تمكن صاحبها من إتيان الخوارق «الكرامات»، وهى ما يفسرها قوله:

قلوب العاشقين لها عيون

ترى ما لا يراه الناظرونا

وألسنة بأسرار تناجى

تغيب عن الكرام الكاتبينا

وأجنحة تطير بغير ريش

إلى ملكوت رب العالمينا

وترتع فى رياض القدس طورا وتشرب من بحار العارفينا

عباد أخلصوا فى السر حتى دنوا منه وصاروا واصلينا

كانت نهاية الحلاج مأساوية، فقد أحيل إلى المحاكمة فى عهد الخليفة العباسى المقتدر، وحكم عليه بألف جلدة، ثم تقطيع يديه ورجليه، قبل أن تقطع رقبته، وكانت التهمة هى «خطورته على سلامة الدولة»، وتضمن الحكم أيضا، حرق كتبه ومنع الورّاقين من نسخها، فلم يبق منها غير كتابه «الطواسين» وبعض من أشعاره وأقواله، وهى لآلئ بديعة فى التراث الصوفى.

الأحد، 8 سبتمبر 2013


  • ميناء مبارك واتفاقية خور عبد الله

    والطريق نحو الحصار الاقتصادي للعراق

    منقول بتصرف عن كتاب ميناء مبارك (رؤية جيوستراتيجية مستقبلية )

    للباحثة : إبتسام عبد الزهرة العقابي

    يعد انشاء ميناء (بوبيان ) مبارك من اكبر واخطر مشاريع التنمية الكويتية في شمال الخليج العربي وهو احد خمسة مشاريع كبرى في الخطة الخمسية الكويتية . والتي تتبناها وزارة الاشغال العامة الكويتية وذلك لاسباب عديدة منها :-
    1- تشكيل محور نظام نقل اقليمي في المنطقة .
    2- تحويل الكويت الى مركز تجاري ومالي عالمي 
    3- الغاء دور العراق في تجارة الخليج العربي لضرب الاقتصاد العراقي وجعله ثانوياً .
    4- سد المنافذ البحرية العراقية المطلة على الخليج العربي.
    5- قطع الطريق امام التحركات الايرانية المستقبلية في احتلال منافذ الخليج الشمالية المطلة على الخليج العربي .
    ويقع الميناء المزمع بناءه على جزيرة بوبيان المجاورة لجزيرة وربة . وهاتان الجزيرتان هما العقدة التي اوجدتها بريطانيا عند رسمها الحدود بين العراق والكويت لتكون مشكلة المستقبل التي بسببها سيعود النفوذ البريطاني والامريكي للاستحواذ على الخليج العربي وللتعرف اكثر على هاتان الجزيرتان.
    1- جزيرة وربة:- 
    تقع في اقصى الشمال الغربي للخليج العربي ومساحتها 37كم2 ، وهي جزيرة رملية سواحلها من رواسب وادي الباطن ، وهي تقع مابين الطرف الشمالي لجزيرة بوبيان والساحل العراقي الجنوبي ويحيط بها خور عبد الله من جهة الجنوب الشرقي وخور بوبيان من الجنوب حيث ينتهي طرفه الغربي بقرية ام قصر الكويتية وخور بوبيان من الجنوب حيث ينتهي طرفه الغربي بقرية ام قصر التي تتجه نحو الشمال الغربي وتكون المياه عميقة عند طرفها الجنوبي الغربي الذي تميل اليه الجزيرة بأنحدار .
    2- جزيرة بوبيان :-
    وهي احدى الجزر المتناثرة في الخليج العربي في مواجهة السواحل الكويتية من جهة الشرق والساحل العراقي من جهة الجنوب ويفصلها عن الارض الكويتية خور الصبية الضحل والضيق وعن الاراضي العراقية جزيرة وربة وام قصر . وتعد هذه الجزيرة من اكبر الجزر المقابلة للساحل العراقي والكويتي حيث يبلغ اقصى طول لها 42 كم واقصى عرض لها حوالي 25

    كم بمـساحة تبــلغ 890كم2 اي حـــوالي 5% مــن مـساحـــة الـــبلاد
    وتتراوح خطوط الكنتور في سطح الجزيرة مابين 3-4 امتار وهي جزيرة مستوية ، يتكون فيها الكثير من السبخات ( المستنقعات الملحية) مما يجعل موضوع اقامة منشآت فيها صعباً جداً ، ويطغي المد عليها حتى يحتل في قمته مساحة تقدر بثلث مساحتها وتتصف بتربة عالية الملوحة بسبب ظاهرة النشع والخاصية الشعرية التي تنقل المياه المالحة الى السطح مخلفة كميات كبيرة من الاملاح في الطبقات العلوية . وعليه فأن هذه الجزيرة تحتاج الى امكانات مالية وجهود هندسية عملاقة لانشاء الميناء عليها علما ان هناك سواحل اخرى للكويت افضل حالاً من جزيرة بوبيان كان بالامكان انشاء الميناء عليها وتكاليف البناء اقل بكثير مما سيتم هدره على الجزيرة . 

    ويلاحظ ايضا ان المد والجزر في السهول القريبة من ساحل الخليج العربي وبالذات في منطقة رأس الخليج وسهول دجلة والفرات ، فان مياه المد تتعمق في الاخوار الداخلية مثل خور موسى وخور الزبير كما تمتد الى الجزر المنخفضة وتغطي اجزاء منها قد تصل الى الثلث في جزيرتي وربة وبوبيان ، وهذا يشير الى عدم صلاحية الجزيرة كميناء .

    وتعد هاتان الجزيرتان( وربة وبوبيان) من اهم وادق المناطق التي تم مسحها ورسمها من قبل بريطانيا والدولة العثمانية بسبب اهميتها العسكرية والسياسية في القرن الثامن عشر اذ كان التنافس على اشده بينهما في راس الخليج العربي . حيث يصف الكابتن (ج.ب.بروكس ) عام 1830 خور عبد الله وجزيرتي وربة وبوبيان ومدخل شط العرب وخور شتيانة وجزر فيلكا ومسكان وصفا دقيقا محددا خطوط الطول والعرض فلكيا ويصف اعماق البحر المحيط للجزر والطرق الصالحة للملاحة وتحديدها مستخدما البوصلة ، وهذا يدلل على اهتمامهم الشديد براس الخليج العربي الذي استمر حتى عام 1897 حين بدأ الالمان في زيادة نفوذهم وتركيز اهتمامهم على جنوب العراق خاصة بعد اعلان مشروع خط سكة حديد برلين – بغداد.

    الأبعاد القانونية لأنشاء ميناء مبارك

    يتعارض انشاء الميناء والحق المفروض على دول المنطقة المطلة على الخليج العربي في الملاحة واستغلال الساحل . فقد اجازت اتفاقية جنيف للبحر الاقليمي والمنطقة المتاخمة لعام 1958 للدول حق اصدار القوانين والانظمة لغرض تنظيم النقل والملاحة في بحرها الاقليمي والزمت جميع السفن بوجوب مراعاتها . ونصت المادة (17) من تلك الاتفاقية على هذا الالتزام بقولها (( على السفن الاجنبية التي تمارس حق المرور البري ان تراعي القوانين والانظمة التي تسنها دولة الساحل وفقاً لهذه المواد وقواعد القانون الدولي الاخرى ، وبالذات القوانين والانظمة المتعلقة بالنقل والملاحة )) . ويعد هذا النص غامضاً في مدى حرية اعطاء الحق للدول في تحديد الطرق الملاحية في البحر الاقليمي. 

    ولمعالجة غموض النص اعلاه وضعت المادة ((22)) في المؤتمر الثالث للأمم المتحدة لقانون البحار ، الذي صدر عن الدورة السادسة المعقودة في نيويورك للمدة من 23آيار الى 15 تموز 1977 ، والذي جاء فيه:-

    1- للدول الساحلية ان تفرض على السفن الاجنبية التي تمارس حق المرور البري عبر بحرها الاقليمي كلما اقتضت ذلك سلامة الملاحة ، واستخدام الممرات البحرية واتباع نظم تقسيم حركة المرور التي تعينها وتفرضها لتنظيم مرور السفن .

    2- يجوز ان يفرض على على الناقلات والسفن التي تدار بالطاقة النووية والسفن التي تحمل مواد نووية او غيرها من المواد والمنتجات الخطيرة او السامة الطابع ان تقصر مرورها على الممرات البحرية .

    3- على الدول الساحلية ان تدخل في حسبانها ، عند تعيينها للمرات البحرية وتقريرها لنظم تقسيم حركة المرور بموجب هذه المادة ، مايلي:-
    - توصيات المنظمات الدولية ذات الاختصاص.
    - اي ممرات مائية تكون مستخدمة عادة للملاحة الدولية.
    - السمات الخاصة لبعض السفن والممرات.
    - كثافة حركة المرور .

    4- على الدول الساحلية ان تشير بوضوح الى حدود هذه الممرات البحرية ونظم تقسيم المرور في خرائط يؤمن لها النشر الواجب .
    اما مايخص وجود الجزر فقد ترك الامر بين الدول المعنية لتحل بواسطة الاتفاق او الفصل بينها عن طريق المحاكم الدولية . ويلاحظ ان العراق كان في هذه الفترة مشغولاً بحربه مع ايران اذ تم تسوية الامر لصالح الكويت التي كانت قد نفذت ماجاء في مؤتمر الامم المتحدة عام 1982 منذ عام 1948 ، وعليه فان مقررات عام 1982 جاءت لصالح الكويت ولكي لاتتحمل تبعات تجاوزها منذ عام 1948 فيما ترك امر جزيرتا وربة وبوبيان بين العراق والكويت ليبقى النزاع مستمراً وورقة رابحة بيد البريطانيين والامريكيين لبقاء سلطتهم في المنطقة . 

    ويعد العراق بسبب طريقة رسم حدوده الجنوبية من الدول المقيدة في حقها في البحار وحدوده تعد ضيقة ، اذ تم ترسيم الحدود البحرية العراقية - الكويتية من قبل لجنة بتكليف من الامم المتحدة معتمدة على خطابات متبادلة بين الجانبين العراقي والكويتي عام1932 ومحضر اتفاق عام 1963 الذي نص على ان جزر ( وربة –بوبيان – مسكان – فيلكا – عوهة – كبر – قارورة – ام المرادم) تتبع الكويت وان الحدود القائمة في هذا القطاع تقع في خور عبد الله . وقد تم اعتماد ادلة تاريخية تعود للمستعمرين لمنطقة الخليج بدءاً من تقرير رسمي اصدره كوشيرون –آموت الهيروغرافي النرويجي عام 1959 الذي حدد خط وسط للحدود في خور عبد الله مع خريطة رسمية ورسم بياني مستقل ، كما استعانت اللجنة في انتقاء خط الاساس والتحقق من ادنى انحسار للمياه ( Low Spring Water ) بواسطة الرسومات البيانية الخاصة بالادميرالية البريطانية . ويستدل من هذا على ان ترسيم الحدود قام على اساس استعماري مبرمج مستقبلي هدفه الغاء دور العراق في الخليج العربي وجعل الكويت تشعر بالتهديد المستمر من قبل العراق وهو مالاتدركه الدول الخليجية فهذا الترسيم للحدود لايأتي لصالح الكويت ولالصالح العراق انما لصالح المستعمر نفسه الذي رسم تلك الحدود .

    القرارات الخاصة بترسيم الحدود البحرية :-

    تبدأ عملية ترسيم الحدود البحرية العراقية – الكويتية بداً من المنطقة البحرية لخور الزبير الى الطرف الشرقي لخور عبد الله . 
    1- اعتمدت اللجنة الرسم البياني رقم 1235 للادميرالية البريطانية لتحديد خط الوسط في خور عبد الله.

    2- اعتمدت اللجنة نقطة محددة على خط الوسط حيث ان مدخل خور عبد الله من عرض البحر يقع في مكان يحدث فيه تغيير هام في اتجاه الخطوط الساحلية للدولتين .

    3- تم اعتماد مجموعة احداثيات تحسب خط الاساس لها ادنى انحسار للمياه مبين في عام 1991 من الرسم البياني رقم 1235 للادميرالية البريطانية .

    4- المنفذ الملاحي ممكن للدولتين ( العراقية –الكويتية ) عن طريق خور الزبير وخور شتيانة وخور عبد الله الى جميع الاقاليم المتاخمة لحدودهما . 

    5- الحق في الملاحة منصوص عليه بموجب قواعد القانون الدولي المثبتة في اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحر 1982 والتي جاءت لصالح الكويت مستغلة انشغال العراق في حربه مع ايران .
    6- قررت لجنة الامم المتحدة ان تمر الحدود البحرية في نقطة انحسار المياه في جزيرة وربة تاركة خور الزبير بأكمله للعراق وهذا تحفظت عليه الكويت حيث سجلت اعتراضاً فنياً على اللجنة .

    7- اعترض العراق على ترسيم الحدود البحرية حيث اعتبر ان اللجنة لاتملك الصلاحية في ترسيم الحدود باعتمادها مواثيق تاريخية تعود لها في فترة الاحتلال . وكان الرد على هذا الاعتراض بان الحدود البحرية هي جزء من حدود اي دولة وسيادتها ، وفي 20/5/1993 رفعت لجنة الامم المتحدة تقريرها النهائي الى الامين العام للامم المتحدة وبدوره قام برفع رسالة الى مجلس الامن الذي انعقد في 27 من عام 1993 واصدر القرار المرقم ( 833) حيث عد هذا التخطيط نهائياً يحترم فيه حق المرور البحري.

    لقد جعل اصدار هذا القرارمن العراق دولة شبه مغلقة عديمة السواحل ، وان استكمال بناء وانشاء ميناء مبارك على جزيرة بوبيان سوف يلغي العراق نهائياً على الخليج العربي مما يجعل الكويت في مواجهة ايران وبالتالي ستبدأ مشكلة اخرى ، لانتوقع ان تستطيع حلها جميع دول الخليج العربي مجتمعة ان واجهتهم ايران واعلنت حقها في الخليج العربي بالكامل برجوعها الى المواثيق التاريخية نفسها التي لجأت اليها الكويت خاصة ونحن نعلم ان تسمية الخليج العربي لانطلقها على هذا البحر الا نحن الدول العربية فهو معروف عالمياً بالخليج الفارسي . وبالتالي هل ستلجأ دول الخليج العربي الى العراق مرة اخرى ليحميها من ايران كما فعلت في المرة الاولى ابان حرب عام 1980 ؟ . 

    الابعاد السياسية لانشاء ميناء مبارك 

    ان مشكلة الحدود المفتعلة بين الكويت والعراق هي السند الرسمي الذي يلجأ اليه البريطانيون والامريكيين في الاستحواذ على راس الخليج العربي من خلال :-

    1- شل حركة التجارة العراقية من جهة الجنوب من خلال غلق المنافذ البحرية العراقية من جهة الكويت وايران باللجوء الى الاحتكام الدولي .

    2- دفع التجارة العراقية نحو تركيا والشمال والترويج مجدداً لخط برلين بغداد .

    3- جعل العراق معبراً للتجارة من الخليج العربي عن طريق ميناء مبارك نحو البصرة – بغداد – اسطنبول – بلغراد – برلين .

    4- جعل المواجهة المستقبلية بين ايران من جهة ودول الخليج العربي المتمثلة ب(الكويت – السعودية – قطر – البحرين – الامارات – عمان) من جهة اخرى بعد الغاء دور العراق في الخليج ، وبالتالي فان اي صراع مستقبلي سينشأ لن يكون للعراق دور فيه وستكون دول الخليج لوحدها ، خاصة وان ايران شبه مسيطرة على المعبر الوحيد للخليج العربي وهو مضيق هرمز . 

    لقد عدت مشكلة الحدود العراقية الكويتية سبباً رئيسياً في استقرار الامن للمنطقة والعالم وهذا جاء في اعتراف الامين العام للامم المتحدة بعد انتهاء لجنة تخطيط الحدود من اعمالها في 30/ايار/1993 حيث قال (( بان الامم المتحدة قامت لأول مرة في تاريخها بترسيم الحدود بين دولتين عضوين في المنظمة الدولية وذلك حفاظاً على السلم والامن الدوليين وبناء على قرار مجلس الامن (687) لعام 1991)) . 

    ولاهمية هذا الموضوع فان مجلس الامن اصدر خلال ثلاث سنوات من 1991 الى عام 1993 ثلاث قرارات مهمة وحاسمة في موضوع الحدود العراقية – الكويتية هدفها المعلن حماية الامن الاقليمي في منطقة الخليج العربي . بينما ماحدث هو افتعال اكبر ازمة اقليمية في منطقة الخليج العربي وجعل الصراع المستقبلي صراع حضارات متمثلة بالحضارة الفارسية – والحضارة العربية .
    ومن اجل وضع خط لعودة التدخل الرسمي في منطقة الخليج العربي تم اضافة القرار (833) لعام 1993 في الفقرة السادسة يمكن دول الاحتلال الرئيسية المباشرة البريطانية والامريكية من اللجوء الى استخدام القوة او اتخاذ اية تدابير اخرى يجدها ضرورية وفقاً لميثاق الامم المتحدة الذي لايطبق الا على العراق في حال انتهاك الحدود او التشكيك في اعمال اللجنة التي رسمت الحدود العراقية الكويتية بناء على مواثيق الاحتلال التاريخية . 

    وعليه ومن اجل ان تستمر الازمة في الخليج تم الايحاء لدولة الكويت ببناء ميناء مبارك الذي يعد بالنسبة لهم ورقة الخلاص من العراق كونه قد تم تقييده بالقرارات اعلاه . الا ان بناء الميناء هو مجرد استفزاز للعراق لاتخاذ اجراءات بالمقابل تعزز من الدور الكويتي في المنطقة وتعطي الحق لدول الاحتلال في استخدام القوة عن طريق استقدام قوات السلام الدولي وقوات الاحتلال في المنطقة الواقعة بين العراق والكويت وتحديداً على طول الحدود العراقية – الكويتية وسد المنفذ البحري في ام قصر كأجراء رادع للعراق وبالتالي السيطرة المباشرة على جنوب العراق والسيطرة الدائمية على راس الخليج العربي ومن ثم التحكم بالكويت والعراق وايران في هذه النقطة الحيوية من الخليج العربي .
    ان اسباب انشاء ميناء مبارك الكويتي ليس الهدف المباشر منه اقتصادياً كما هو معلن اذ انها ستنستنزف من الاموال اضعاف مضاعفة في انشاء الميناء لو انها قد اختارت الساحل الطويل المفتوح المقابل لجزيرة فيلكة ، انما الهدف الغير المباشر منه :-

    1- استغلال الظروف الداخلية للعراق الذي يعاني من تقويض القوة العسكرية العراقية التي سببت الخوف والشعور الدائم بالتهديد من جهة دول الخليج في المنطقة بسبب الانشغال بالاحداث الداخلية ، فالعراق خرج من حرب الثمان سنوات مع ايران وهو يحوي ( 55 فرقة عام 1988 مقابل 10 فرق عام 1980 – مليون جندي مدرب تدريباً جيداً – 500 طائرة ، 5500 دبابة ( اكثر مما تملكه الولايات المتحدة والمانيا مجتمعتين) . وهذا كان دافعاص لدول الخليج العربي ان تشعر بالتخوف والتهديد مما دفعها الى ان تستغل الوضع المالي للعراق الذي كان يملك احتياطياً من الدولارات يبلغ 30 مليار دولار ولكن بعد ثمان سنوات من الحرب تجاوزت ديون العراق 100 مليار دولار . وكانت هذه النقطة التي تم استغلالها للضغط على العراق ودفعه الى اتخاذ قرارات متهورة طائشة ، حققت الهدف والغاية التي رسمتها دول الغرب ونفذتها دول الخليج ، فلم يخطر ببال الدول العربية ان العراق الدرع الواقي للعرب من الجانب الايراني ، سوف يهدد الامن العربي او هكذا تم الايحاء لهم . 

    ففي ظهر الثاني عشر من شباط استقبل صدام حسين المبعوث الاميركي جون كيلي الذي قال لصدام (( انتم قوة اعتدال في المنطقة وتتمنى الولايات المتحدة اقامة اوثق العلاقات مع العراق )) ولم تمض ثلاثة ايام على المقابلة حتى بث صوت اميركا في برامجه الموجهة الى العالم العربي ليوم 15 شباط برنامجا اذاعيا قال مقدمه انه يعكس وجهة النظر للحكومة الاميركية وتضمن الدعوة الى الراي العام للتحرك ضد الدكتاتوريات في العالم ، واحتل صدام حسين موقعاً متميزاً في اللائحة وتم تقديمه على انه الاسوأ بين الطغاة على وجه الارض ، تبعه في 21 شباط نشر وزارة الخارجية الامريكية تقرير تجاوز 12 صفحة عن حقوق الانسان خص العراق وصف فيه الحكومة العراقية بأنها الاكثر سوءاً في مجال خرق حقوق الانسان وممارستها التعذيب والاعدامات السريعة دون محاكمة. 

    ان هذه الازدواجية في التصرفات الامريكية هي اسلوب استراتيجي تكتيكي الهدف منه دفع العدو الى الشعور بالارتياح واتخاذ تدابير في غير صالحه تستخدم ضده مستقبلاً بعد الايحاء له بان الحكومة الامريكية تغض النظر عن تصرفاته لانه الحليف الاقوى لها في المنطقة فيلجأ صدام بذلك الى التهديد والوعيد لجيرانه من الدول العربية . 

    وبالمقابل تنشر الحكومة الامريكية اعلامياً وجهة نظر الاعلام والعامة وجهات اخرى متنفذة في الدولة رأيها الصريح في الحكومة الامريكية والهدف منها هو اشعار الجانب العربي والخليجي خاصة من ان الحكومة العراقية هي التهديد الرئيسي لدول الخليج بعد ايران . مما دفع الدول الخليجية وخاصة الكويت الى ان تتخذ الاجراء الاسهل والاسرع لها بزيادة انتاجها النفطي مخالفة الاتفاقات المعقودة في اطار منظمة الاوبيك ، مستخدمة الابار النفطية الواقعة في المنطقة الحدودية المتنازع عليها مع العراق ، وادت هذه الزيادة الى خسارة 90% من واردات العراق على النفط وحوالي 7 مليارات دولار سنوياً . 

    لقد كانت اسباب التغيير واضحة في المواقف الامريكية والكويتية مع العراق بعد انتهاء حرب الثمان سنوات مع ايران ، وقد حققت الولايات المتحدة الامريكية اهدافها جميعها من خلال التحكم بمجريات الامور في الخليج العربي عن طريق الاعلام الذي لعب الدور الكبير في السيطرة على توجيه الاحداث لصالح الولايات المتحدة في كل الظروف التي احاطت بالمواقف العربية –العربية والمواقف العالمية – العربية . ولم يكن العراق والكويت وايران سوى اللعبة التي كانت تديرها الولايات المتحدة في المنطقة ، فهي توجه بأزدواجية مواقفها مع كل من العراق والكويت وايران وهذه الدول تنفذ .

    لقد تم التوجيه الامريكي للكويت بزيادة انتاجه النفطي توجيهاً ستراتيجياً ، الهدف منه دفع العراق الى ان يبحث عن خيارات تخرجه من ازمته ، وبالتالي فان هذا الخيار وهو الخيار الاقوى والمحتمل والوحيد هو الكويت فالعراق بحاجة الى منفذ على الخليج العربي الذي تحاول الكويت ان تغلقه في وجهه، وبالتالي فإن تحركات العقلية التي يحملها صدام كانت مدروسة جيداً بحيث انهم كانوا يدفعونه الى التحرك بناءً على مايتم تطبيقه على ارض الواقع للاطاحة به ، وكسر جبروته في المنطقة .

    لقد كان للعراق ثلاث مشكلات مع الكويت تمثلت :-

    1- مشكلة الخلافات الحدودية مع الكويت خاصة حقل الرميلة الجنوبية الواقع في المنطقة المتنازع غليها .
    2- تأجير جزيرتي وربة وبوبيان من الكويت لتأمين منفذ بحري على الخليج.
    3- تسوية مشكلة الديون المتراكمة على العراق خلال حربه مع ايران . 

    هذه المشكلات الثلاثة استغلتها الكويت لا عن طريق المناقشة والتوصل الى حل بل الى تأجيج الموقف من خلال :-

    1- استغلال النفط في حقل الرميلة الجنوبي طوال الحرب مع ايران .
    2- عدم السماح للعراق بتأجير او استغلال جزيرتي وربة وبوبيان.
    3- اغراق السوق بالنفط والتسبب بخسائر مالية للجانبين الكويت والعراق فضلاً عن ديون العراق المتراكمة بعد انتهاء الحرب العراقية – الايرانية .

    ان اسباب الازمة واضحة للغاية ، فالكويت مقابل التنازل بتطبيق المخططات الاستعمارية في المنطقة ،ستنال الحضوة ببقاء تلك الدولة القزمية وبقاء العائلة الحاكمة قرونا على رأسها . فلندن ظلت ولقرن من الزمان تعتبر الخليج ارضاً بريطانية خالصة على الامراء الذين ولتهم واعطتهم السيادة على تلك الارض ان يدينون لها بالولاء المطلق . وان امتلاك بريطانيا الخليج يتيح لها بهذا مراقبة الممر البحري بأتجاه المحيط الهندي والمحيط الهادي والشرق الاقصى . وبهذا فهي تحاول مع وليدتها امريكا ان تحول دون ظهور اية قوة اخرى في المنطقة تنافسها ، فقد زرعت دبلوماسيتها ومهارتها التكتيكية بذور ازمة الخليج لتكون المرجع الدائم لحل هذه الازمة التي لا ولن تنتهي . 

    الابعادالاقتصادية لانشاء ميناء مبارك 

    ان اقتصاد العراق والحركة التجارية الخارجية ( تصدير واستيراد) ولشتى انواع السلع والبضائع العامة منها النفط والغاز تمر عبر ستة موانيء تتمتع بممرات مائية ملاحية عميقة تربطها بالعالم الخارجي وهذه الموانيء هي :
    1- الموانيء التجارية : 
    - ميناء البصرة( المعقل)
    - ميناء ام قصر
    - ميناء خور الزبير

    2- الموانيء النفطية : 
    - ميناء الفاو
    - ميناء خور العمية
    - ميناء البكر 

    وفي حال اكتمال ميناء مبارك فان اغلب السفن التجارية ستتجه الى ميناء مبارك ليكون هو الطريق المستقبلي للسوق العراقية اي ان العراق سيستلم البضائع التجارية من هذا الميناء ليتم تسويقها داخليا ، وبالمقابل فان البضائع العراقية ستتجه نحو الميناء ايضا ليتم شحنها من الميناء . وقد يتسائل القاريء : ماذا عن بقية الموانيء العراقية التي لاتتعارض مع ميناء مبارك ؟ والجواب هو اذا مالاحظنا ان مينائي العمية والبكر يقعان في منطقة الحدود الغير آمنة مع ايران وفي مركز التوتر المستقبلي (شط العرب ) الذي ستشهد السنوات القادمة ظهور مشكلة الحدود العراقية الايرانية التي يكون مركزها في شط العرب النهر الذي يتير سيره عبر السنين ويتحرك بأتجاه ايران ليصبح داخل حدود ان لم يتم ترصيف هذا النهر وايقاف الحت والبناء الطبيعي للنهر . وقد اشار اكثر الجغرافيين الى ان المنفذ البحري للعراق على الخليج العربي ضيق جدا وهو منفذ محدود بالمقارنة مع مساحة العراق حيث لاتزيد اتساع الواجهة البحرية للعراق على الخليج العربي على 19 كم2.

    لقد شكل العراق والكويت وحتى الحرب العالمية الاولى جزءاً من الامبراطورية العثمانية ، وفي الحقيقة ، كانت الكويت بمساحتها الضئيلة تابعة لولاية البصرة ، ولم تكد الاشاعات تتوسع في اوربا حول الحرب القادمة عام 1913 حتى سارعت بريطانيا لتوقيع اتفاقاً مع الاتراك يجعل الكويت ولاية مستقلة ، وفي خضم الحرب ، عندما كان الاتراك يحاربون الى جانب الالمان ، اعترفت بريطانيا بحدود الكويت وبأستقلال الامارة الكويتية التام عن الدولة العثمانية. 

    ان بداية المشكلة كانت في سلخ ولاية صغيرة لاتمتلك مقومات الدولة القوية واعطاءها هوية مستقلة كدولة من خلال اتباع خط التقسيم الذي منح بريطانيا حليفاً ومركز استراتيجي في المنطقة ، وكان لابد للعراق ان يرفض المشروع بشدة اذ وجد نفسه محروماً من اي منفذ على الخليج .

    ان ميناء مبارك سيسد منافذ السفن المتجهة الى ميناء الزبير ، وبالتالي فان الموانيء الثلاثة المتبقية ستكون تحت التهديد الايراني ، وفي حال قطع الطريق على العراق في المنافذ البحرية الجنوبية سيكون على العراق ان ينقل نفطه عبر خطوط الانابيب الغير امنة ايضاً . وهي خطوط قديمة تمثل مجموعة انابيب نقل الحوض الشمالي عبر ميناء طرابلس 1934 وعند ميناء بانياس السوري 1952 وميناء ديورنيل التركي على ساحل البحر المتوسط .

    بالقرب من الاسكندرونة حيث تبلغ طاقته 25 مليون طن سنوياً ، بالاضافة الى ميناء العقبة الاردني كظهير لتجارة العراق الخارجية ومنفذ رئيسي لتجارة العراق على البحر ، وقد قدرت التجارة العراقية عبر مرفأ العقبة الاردني 70% من مجمل تجارته عام 1988 . فضلا عن خط الشمال –الجنوب الاستراتيجي الممتد من منطقة حديثة على خط كركوك – البحر المتوسط ثم حديثة – الرميلة- الفاو . 

    وبسبب احداث عام 1991 وبعد عامان من خروج العراق من حرب دامت 8 سنوات ومنهك اقتصادياً وبسبب الاتفاق الكويتي الاميركي لجر العراق للاعتداء واجتياح الكويت ، تم اتخاذ عدة قرارات اصدرتها الامم المتحدة مقصودة لتدمير الاقتصاد العراقي بشكل جذري ينعكس سلباً على الشعب بأكمله وليس الحكومة فالسلطة في العراق واتباعها ومقربيها لم يتأثروا بتلك القرارات مطلقاً بل كان التأثير المباشر هو على الشعب العراقي وهو مايستمر الان رغم عدم وجود السلطة التي حاربتها الكويت سابقاً . فما السر في بقاء العداء وتدمير العراق رغم تبدل السلطة ؟

    وللتوثيق فأن القرارات الغير مبررة والتي تنال من اقتصاد العراق والتي اصدرتها الامم المتحدة هي :- 

    - القرار (662) المؤرخ في 6/8/1990 الخاص بحظر التجارة مع العراق .
    - القرار(665) في 25/8/1990 الذي يمنح الولايات المتحدة والقوات البحرية الاخرى صلاحية تطبيق الحظر الاقتصادي على العراق .

    وقد شرع العراق ومن اجل رفع الاقتصاد وتحسين المستوى المعيشي للسكان ولاطفاء الديون المترتبة عليه الى اعلان مشروع انشاء ميناء الفاو الكبير . الذي وضع في نيسان من عام 2010 الحجر الاساس له ويحوي هذا الميناء :

    1- رصيف للحاويات بطول 39000م ، ورصيف اخر طوله 2000م.
    2- ساحة للحاويات تبلغ مساحتها اكثر من مليون م2 . وساحة اخرى متعددة الاغراض بمساحة 600 الف م2 . 
    3- تبلغ الطاقة الاستيعابية للميناء 99 مليون طن سنوياً . 
    4- تبلغ الكلفة الاجمالية لانشائه اربعة مليارات و400 مليون يورو . 
    5- ستتم المباشرة فيه مطلع عام 2012على مرحلتين ، كل مرحلة تستغرق عامين .
    6- سيتم ربط الميناء برياً بطرق سكك الحديد بكل من تركيا – اوربا ليكون بديلاً عن قناة السويس للميزات من ناحية الوقت والكلفة . 

    ان انشاء ميناء مبارك جاء بعد سنة من اعلان العراق انشاء ميناء الفاو الكبير الذي كان ولايزال مجرد اعلان ولم يتم العمل به ، والمعلوم ان ميناء الفاو لايضر بالمصالح الاقتصادية للكويت ولايمس قرار ترسيم الحدود المرقم ( 833) والصادر في 27/آذار / 1993 الذي نص على عدم انتهاك الحدود الثنائية بين الكويت والعراق بما في ذلك الحدود الملاحية . ولايقطع طريق السفن الكويتية او السفن القادمة للموانيء الكويتية ، وان هذا المشروع سيحقق منفعة اقتصادية للبلدين . الا ان انشاء ميناء مبارك الذي يبعد مسافة 20 كم عن ميناء الفاو ، وعلى العكس من انشاء ميناء الفاو سيعمل على :-

    1- جعل الممر المائي العراقي ضمن الميناء الكويتي ، وذلك لان الميناء يصل الى الحدود المائية التي رسمها القرار 833 . وذلك يعد انتهاكاً لبنود القرار .

    2- ان هذا الميناء سيقلل من اهمية الموانيء العراقية ويقيد الملاحة البحرية في قناة خور عبد الله المؤدية الى مينائي ام قصر والزبير ، ويجعل مشروع ميناء الفاو الكبير عديم القيمة .

    3- سيمتد الساحل الكويتي بانشاء الميناء الى مسافة 500كم ، بينما يحصر الساحل العراقي في 50كم .

    4- سيحول ميناء مبارك مدينة البصرة الى مدينة اشباح والمحافظات الجنوبية ستعاني الغلاء والفقر اذ ان اطلالة الميناء على المياه الاقليمية العراقية لن يترك امام ميناء ام قصر الاممراً لايتجاوز 1000م فقط .

    5- ان الميناء سيدفع العراق الى ايجاد الخطة البديلة عن انشاء ميناء الفاو الكبير والتي سيتم توجيه العراق اليها قسرياً والمتمثلة بأعادة احياء خطوط الانابيب التي تمر عبر الاردن وتركيا والسعودية وهي خطوط ينعدم توفر الامان في ايصالها النفط الى دول العالم وذلك لمرورها في مناطق متوترة .

    لقد لوحظ في تصريحات المسؤولين الكويتين وفي كل مناسبة يتم التحدث فيها عن ميناء مبارك ، انهم يربطون انشاء هذا الميناء بميناء الفاو ، والملاحظ ايضاً ان ميناء الفاو سبق اعلانه بسنة عن ميناء مبارك وليس هناك من رابط بينهما سوى ان ميناء مبارك يخرق نص القرار 833 بينما ميناء الفاو لايتعرض الى الكويت ولا الى حدودها ورغم ذلك لانجد من يرى الامر بمنضار المؤامرة المبيتة لاسقاط العراق اقتصادياً وابقاءه تحت خط الفقر وتجويع الشعب باستمرار واذلاله الى ابعد الحدود والتهرب من الاجابة عن السؤال التالي :

    اذا كان صدام قد غزا الكويت وهددها باستمرار ، فقد تم الاقتصاص منه وذهب دون رجعة وتغير النظام والحكم ونال الشعب مانال سابقا وحاليا جراء عصابات التكفير والقتل التي تم تجنيدها من الخارج لاسترداد ديون افعال نبوخذنصر وصدام ، فلماذا الاصرار من الكويت على تدمير اقتصاد العراق وتجويع الشعب واذلاله ؟ هل مازال صدام فيهم ؟ هل الجيش العراقي يقف اليوم على اطراف الكويت كما فعل في السابق ؟ هل له من القدرة العسكرية والتكنلوجية مايفوق تسلح درع الخليج والكويت ؟ ام اضحت الكويت كبش الفداء لعدو يعمل في الخفاء لاستفزاز العراق مرة ثانية
    1